وتتلخص آراء رينان ومدرسته في فهم التراث الإسلامي الذي بني على الترجمة في القرن التاسع الميلادي في ثلاثة أفكار يجدها القارئ في المحاضرة التي ألقاها رينان بباريس عام ١٨٨٣ (٢٩ مارس)، وعنوانها (الإسلام والعلم)، والذي أوحى إليه هذه المحاضرة هو مرور الشيخ الأفغاني بباريس في ذلك الحين. فرينان نفسه يقول في كتابه (مقالات ومحاضرات) صفحة ٤٠٣ (منذ شهرين عرفت الشيخ جمال الدين بفضل مساعدنا الفاضل المسيو غانم، وقليل من الناس تركوا في نفسي أثراً كأثره. إن مناقشاتي المتعددة معه هي التي دعتني أن أحول موضوع محاضرتي عن العلم والإسلام) هذه المحاضرة رد عليها الشيخ الأفغاني بتاريخ ١٨ مايو سنة ١٨٨٣ في جريدة الديبا وعقب على هذا الرد في اليوم التالي رينان في نفس الجريدة:
أولاً - يقول رينان ما ترجمته:(يمكن أن يقرر الإنسان بسهولة تامة التأخر الواقعي لبلاد الإسلام، وتدهور الحكومات القائمة على هذه البلاد، و (انعدام الفكر) في تلك الشعوب التي تخضع لهذا الدين فقط في ثقافتها وفي تعليمها، لأن الطفل المسلم حتى العاشرة أو الثانية عشرة من عمره يلحظ فيه نوع من الذكاء؟ وفجأة عندما ينتبه إلى تعاليم دينه، تأخذه نزعة صوفية تنتقل به إلى نوع من الإغماء العقلي كنتيجة لتلك النعرة الجنونية: إن الإسلام هو الحق والحق وحده. لهذا يشعر المسلم في أعماق نفسه بنوع من الاشمئزاز للتعلم والعلم، وكذلك لفكرة الجنس والقومية لأن الإسلام يرفع الفوارق بين الأمم)
ثانياً - يقول رينان ما ترجمته (إذا كان في الحضارة الإسلامية علماء وفلاسفة، وكانت هي أثناء عدة قرون سيدة الغرب المسيحي، وإذا وجد حتى عهد ابن رشد تراث فلسفي يسمى تراثاً عربياً (لأنه كتب بالعربية)، فكل هذا في واقع الأمر كان تراثاً يونانياً فارسياً أو