[هاتف من الحرب. . .]
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
أَغَفى ربابُكَ لا شدْوٌ ولا طرَبُ ... وجفَّ حانُكَ لا كأس ولا عنبُ
وزَّفت الريح، هل زفَّ النشيد لها ... أم ظلَّ سأمان هذا اليأسُ التعِب
هذا الذي اهتزَّت الدنيا، وعازفُه ... ساهٍ على ضَّفة الأحلام مُكتئب
نَشوانُ يَمَرح في دُنيا محلِّقةٍ ... من الخيال ترامتْ دونها الشُّهُب
هزَّ الطموحُ جناحيْهِ وأَتعبَه ... أنَّ الطريقَ إلى الآفاقُ مضطرب
وأنَّ أيامَهُ من طول ما رَتَعَتْ ... بها النوائب أَدْمى فَجْرها العطب
تغدوا لجِراح مدِلاّت بشِقوَتها ... مادام فيها لأمجاد العُلا نَسَب
وجرْحه راعشُ الآهات تحسَبه ... هَشيمةً جُنَّ في تحريقها اللهب
ناشدْتُ لَوْعتَه السُّلوانَ فامتعضتْ ... كيف الهدوءُ وأنفاس الوَرَى تَجِب؟
والأرض موْقد أعمار قد اشتعلتْ ... في جمْره الناس لا الأعواد والحطب
كأنها رأسُ مجنونٍ قد احتدَمتْ ... به الهواجس واستشرى به الغضب
ترتجُّ في راحة الطاغي كجمجُمةٍ ... تحت القتام طوت أحلامها الكرَب
عَلا دُخانُ المنايا في سَماوَتِها ... فزُلزلتْ رَهبةً من هوْله السحب
وكُبكِب الناس للميدان لا فَرقَ ... من الحِمام، ولا خوْفٌ، ولا رَهَب
كأنما سئموا الدنيا وبَهجتَها ... فراحَ يُغريهمُ للفتكةِ الهرب
الأرضُ أُمُّ رءُومٌ ما جفت ولداً ... ولا تقطَّع مِنْ أرحامِها سَبب
تُقيتُ جائعَها حيّاً وتشرِبُهُ ... وما تضنُّ بسترِ الهالِكِ التُّرب
فَما لَهمْ مَزَّقوا أوْصالهَا طَمعاً ... وناهَشوا الوحشَ في الآطام واحْتربوا؟
ودوَّخوا كلَّ سَجواَء الظِّلالِ بِها ... وكلّ عَزلاََء فِيها السيفُ مُغترِب!
وكلَّ ناسكةِ الكفَّينِ في يدها ... غصنُ السلام يتيم العود مرتهِب!
وكلّ شلاََّء في الطُّغيان، باطِشةٌ ... في الخَير في يَدها الرَّيحانُ والفُضُب!
زيتونةُ السّلم خلوْها مُعفّرةً ... دمُ الضحايا عليها هاطلٌ سكِب
نوْحُ الليالي، وإعوال السنين على ... ترابها جَوْقةٌ خرسَاءُ تَنتحب