للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فلسفة التربية]

كما يراها فلاسفة الغرب

للأستاذ محمد حسن ظاظا

(نريد أن ننتهي إلى تقدير واف لمعنى التربية التي تضعنا في مركز نفهم فيه الكون ونكشف الدور الذي علينا فيه أن نلعبه، كيما نتبين كيف أنه يجب علينا، وكيف يمكننا أن نقوم بهذا الدور بكل ما نستطيع)

هكذا يقول الأستاذ في كتابه محاولاً أن يلتمس في الفلسفة تفسيراً أو تقويماً لعملية التربية. ذلك أنا سنسأل ما قيمة التربية في الحياة؟ وما قدر عمر المرء بالقياس إلى الأعمار الجيولوجية السحيقة الهائلة؟ وأي ربح يربحه الإنسان من عمله تحت الشمس؟ جيل يعيش وجيل يموت، والأرض باقية فما جدوى ذلك كله؟ لم يجب أن نعيش؟؟ لم نُلزم بالبقاء في عالم لم نسأل عنه قبل مجيئنا إليه ولا نملك فيه حتى حق الموت؟؟! وما هي الصلة بين مركزنا في الحياة وواجبات هذا المركز؟؟

أولئك جميعاً مسائل عسيرة عتيدة يضج منها الجمهور لأنه لا يستطيع الخوض فيها بحكم عقله الذي لا ينحو نحواً كلياً يفسر به الظروف الجزئية ويسمو عليها. لذلك تراه يقول حسبنا أننا نعيش ما دام الواقع أننا نعيش!! وحسبنا أننا نتعلم ونتربى مادام الواقع أننا كذلك؟!! ولكن الفلسفة لا ترضى منه بهذه القناعة ولا تفتأ تقول له: إياك أن تغفل سؤال (لِمَ تعيش)؟ لا لشيء إلا لأنك تعيش!! ذلك أنك تتقدم من غير شك إذا ما سلطت النقد على حياتك ونظرت قبل القفز ثم بعده!! يقول الأستاذ برادلي في أصول المنطق جـ٢ ص٧٢١ (إن ديانة العمل من أجل العمل فحسب، أو إن كل شيء من أجل العمل، تنتهي حتماً إلى نتيجة مهدومة في العمل نفسه)

وهكذا تقول الفلسفة للجمهور (قصدك الأساسي هو العمل، أما أنا فقصدي النظر؛ ولكن النظر مع ذلك يسير إلى جانب العمل. أنا أغوص، والعمل يستفيد من غوصي، لأنه بي - وبي وحدي - يستطيع أن يفهم لِمَ يعمل ما يعمل). ذلك أن الفلسفة لا تضرب في الهواء ولكنها تحاول أن تحدد الأشياء بحدودها المنطقية معطية إياها نهاياتها الميثافيزيقية؛ وأن العمل نفسه يصير فلسفة إذا ما نقد نفسه. لذلك لا غرو أن قالوا إن العمل الصحيح هو ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>