[وزارة الشؤون الاجتماعية]
ما أظن أحداً من آحاد المصلحين ثَلِجت نفسه لإنشاء هذه الوزارة مثلما ثلجت له نفس الرسالة. ذلك لأن سبيلها هي التي تجاهد فيها الرسالة، وخطتها هي التي تسير عليها الرسالة، وغايتها هي التي تقصد إليها الرسالة؛ فكأنها قامت لتحقيق آمالها بالتنفيذ، وتطبيق مبادئها بالعمل. ومن ذا الذي لا يبلج صدره إذا رأى قوله قد صار فعلاً، وخياله قد أصبح حقيقة؟
لقد عالجت الرسالة مشكلة الفقر على وجوهها الشتى في بضع عشرة
مقالة خرجت منها على أن الحرمان كان في الأكثر الأغلب علة ما
يكابد المجتمع من جرائم القتل والسرقة، ورذائل البغاء والتشرد؛ فلو
أن أولي الأمر عالجوه بما عالجه به الله من تنظيم الإحسان وجباية
الزكاة لما وجدوا في البيوت عائلاً ولا في الطرقات سائلاً ولا في
السجون قاتلاً ولا في المواخير ساقطة. ولكننا تركنا الموضوع قانطين
من رحمة القلوب، لأننا وجدنا غاية الأمر فيه لا تعدو البكاء
والاستبكاء ما دام الحكم في يد الأقوياء، والتشريع لألسنة الأغنياء،
والغلب والسبق للناب العضوض والجناح المحلق. فلما وفق الله
الحكومة القائمة لأن تجعل لآثام الجهل وآلام الفقر وأرزاء المرض
وزارة تعالج كل عرض لها، وتساعف كل منكوب بها، وتقطع كل علة
فيها، قربت منازع الإصلاح وسفرت وجوه المنى. ثم كان من مصاديق
الأمل ودواعي الثقة أن تولي الوزارة رجل من رجال الجد والعزيمة لم
يصبه الله بداء الكلام، ولم يشغله بحرفة السياسة، فاختار لمشورته
ومعونته وأمره طائفة من قادة الرأي ودعاة الإصلاح أمثال الأساتذة
عبد المنعم رياض وتوفيق الحكيم وابنة الشاطئ؛ ثم مضى بهم في