رسَالَة الشَّعر
مختارات من أدب الرافعي
(على جسر كفر الزيات كان للرافعي في صدر شبابه مغدى
ومراح ومن عيون الملاح على هذا الجسر تفتحت زهرة شبابه
للحب؛ و (العصفورة) التي ينسب بها الرافعي في القصيدة
التالية فتاة من بنات كفر الزيات لقيها على الجسر فهفا إليها
قلبه وتحرك لها خاطره، وهي كانت أول هواه، وعمره يومئذ
اثنتان وعشرون سنة)
محمد سعيد العريان
عصافير يحسبْن القلوبَ من الحَبَّ ... فَمَن لي بها (عصفورةً) لقطت قلبي
وطارت فلما خافت العينُ فَوْتَهَاَ ... أذالت لها حبّاً من اللؤلؤ الرطبِ
فياليتني طير أُجاوز عُشَّها ... فيُوحشَها بُعدي ويؤنسَها قربي!
وياليتها قد عشَّشتْ في جوانبي ... تُغرَّد في جنب وتمرح في جنب
ألا يا عصافير الرُّبى قد عشقتُها ... فهُبَّي أعلمْك الهوى والبكا هُبَّي
أعلمُك النَّوح الذي لو سمعْتِه ... رثيتِ لأهل الحب من شغف الحب
خذي في جناحيك الهوى من جوانحي ... ورُوحي برُوحي لَّلتي أخذت لُبَّي
نظرتُ إليها نظرةً فتوجَّعت ... وثَنَّيْتُ بالأخرى برُوحي فدارت رَحَى الحرب!
فمِن لحظة يَرمي بها حدّ لحظةً ... كما التحم السيفان عضباً على عضب
ومن نظرة ترتدّ من وجه نظرة ... كما انقلب الرُّمحان كعباً إلى كعب
فساقت لعيني عينُها أيَّ أسهم ... قذفن بقلبي كلَّ هول من الرعب
وساق لسمعي صدرها كلَّ زفرة ... أقرَّت بصدري كل شيء من الكرب
ودارت بيَ الألحاظ من كل جانب ... فمنهن في سلْبي ومنهن في نهبي