للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سيوة]

تجارة سيوة

يجاور مسطاح البلح الكبير مقام سيدي سليمان، وهو عبارة عن بناء بسيط يحتوي على مقبرة، إلا أن له مكاناً محترماً في قلوب سكان سيوة، ويحيط بهذا المقام بعض قبور أخرى يقال أنها للمقربين إليه من أتباعه، ويعلو المقام سعف نخيل معلقة في نهايته قطع من أقمشة مختلفة الألوان؛ ويلاصق هذا المقام مسجد جلالة الملك فؤاد الأول، وبدأ في بناء هذا المسجد في عهد الخديو السابق عباس باشا، حتى وصل ارتفاعه أربعة أمتار، غير أن العمل وقف فيه لقلة المال وكثرة التكاليف، ثم تم بناؤه في عهد صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول في سنتي١٩٢٨و١٩٢٩، وأصبح مسجداً يضارع مساجد القاهرة الكبيرة في كبر حجمه وروعة بناءه. ولقد تحريت عن السبب الذي حدا بالخديو السابق أن يفكر في بناء مسجد كبير كهذا في واحة منعزلة مثل سيوة على الرغم من صعوبة المواصلات وقلة وسائل العمل في الوقت السابق، فروى لي أنه كان يقصد ببنائه أن يكون جامعة إسلامية في الصحراء الغربية، يؤمها السنوسيون وغيرهم لتكون لهم بمثابة الأزهر في وادي النيل، وأنه كان يتصور أن مثل هذه الجامعة تمكن له في قلوب السنوسيين فيفيدوه في الصحراء وقت الحاجة. وعدا هذا المسجد الكبير توجد مساجد أخرى مقامة على نظام المنازل السيوية من الملح والطين، والسقوف من خشب النخيل، ولها مآذن غريبة الشكل، أشبه بمداخن المعامل، وسمك حائطها من أسفل حوالي مترين، ثم يقل سمكها تدريجياً كلما أرتفع بناؤها حتى يصل في النهاية إلى ثلث متر تقريباً

وكان أئمة هذه المساجد يدرسون في الوقت الماضي القرآن للصبيان على طريقة عتيقة غير مألوفة، وهي أن يحفظوهم القرآن من غير أن يعرفوا القراءة والكتابة، ولكن مصلحة الحدود أنشأت مدرسة أولية بسيوة تتبع في تدريسها منهاج وزارة المعارف العمومية، ويؤمها أولاد السكان؛ غير أن الإقبال عليها غير كثير برغم كل تسهيل يقدم للأولاد، وتتساهل المدرسة فلا تطلب من الطلبة إلا أن يلبسوا جلباباً نظيفاً وطاقية نظيفة، على أن معظم الأطفال يحضرون حفاة من غير أحذية، ومع كل ذلك فالرجل يفضل أن يشغل ابنه في الحقل أو الحديقة على أن يعلمه أبسط المبادئ من القراءة والكتابة والحساب، ووصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>