للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر بعناية الحكومة بهؤلاء الناس أن أرسلت أثنين منهم للجامع الأزهر ليتلقوا فيه العلوم الدينية على أحسن الأساتذة، غير أنهما بعد بضع سنين كرها الإقامة في القاهرة ودفعهما الحنين إلى سيوة فعادا إليها ولم يحصلا من العلم إلا قليلا

تتكون السوق في سيوة من بضعة حوانيت متجاورة تبيع كل ما يحتاجه السكان من مختلف الأصناف، وأثمان جميع الحوانيت واحدة، ولذا فلا يهم الشاري أن يشتري من هذا أو من ذاك ما دام الثمن واحداً، وإذا دخلت حانوتاً من هذه الحوانيت خيل إليك لأول وهلة إنك في مخزن بضائع إذ ترى فيه عدة رفوف من خشب قديم وميزان وبعض الأكياس (والمقاطف) فيها دقيق وعدس وفول وسكر، وفي ركن من أركان الحانوت بضعة أثواب من البفتة، ومعلق بسقف الحانوت بضعة مناديل للرجال وللنساء ذات ألوان متنافرة غريبة. وترى في ركن ثان من الحانوت بضع صفائح بها زيت الزيتون وأبسطة من الصوف تنسجها نساء العرب بأيديهن ويبعنها للتجار. ويربح بعض التجار كثيراً من حوانيتهم وبخاصة من بيع البلح وزيت الزيتون، على أن النقود المتداولة في سيوة هي النقود المصرية بجميع أنواعها، ولم أر بها عملة أخرى كما هو الحال في السلوم، إذ إنني رأيت فيها العملة التركية القديمة وبعض النقود الإيطالية متداولة في أيدي التجار والأهالي، وقد أعتاد الأهالي أن يرهنوا حدائقهم وحقولهم لبعض التجار نظير أرباح باهظة، حتى أن بعض التجار يتمادى في الجشع فيطلب من المدين أن يسدد دينه بلحاً وزيتوناً، ولكنه ينص في شروط الرهن على أن يكون سعر البلح والزيتون نصف سعره المعتاد في السوق، وبذلك يكون التاجر قد ضاعف مبلغه الذي أقرضه للمدين زيادة على الأرباح التي ينالها عن مبلغه الذي دفعه للمدين، وفي ظروف كثيرة يقبل المدين كل تلك الشروط الباهظة لحاجته للمال. وقل أن يرى المرء امرأة أمام حانوت من حوانيت البلد، والعادة أن تمر زوجة التاجر أو أمه ببضاعتها على المنازل ليشتري أصحابها ما يشاءون، وما تشتريه النساء عادة. يكون الكحل والحناء وبعض حلي من الفضة: كالدمالج، والأقراط الكبيرة الحجم التي تتدلى أطرافها من الأذن حتى تصل كتفي المرأة أو الفتاة. ثم إنهن لا يلبسن العقود الملونة من حبات متلاصقة كما هو الحال في المدن. بل إنهن يلبسن أطواقاً من الفضة حول أعناقهن بأن يدخلن رؤوسهن فيها. ولذا فهي تباع كثيراً لدى التجار، وأيضاً فإنهن يشترين أحذية

<<  <  ج:
ص:  >  >>