للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ركن المعتزلة:]

قدرة الله في مذهب المعتزلة

للدكتور ألبير نصري نادر

- ٢ -

تقول المعتزلة أن الله لا يفعل إلا ألأصلح وأن قدرته لا تأتي إلا بما هو كمال! فقط هناك نقطتان ذواتا أهمية كبرى وهما التوفيق بين قدرة الله تعالى وحرية الاختيار عند الإنسان من جهة ومن جهة أخرى مسألة الظلم: هل يمكن أن يفعله أم لا يمكن.

قدرة الله وقدرة الإنسان على أعماله:

لما كان الله قادراً على كل شيء، ولما كانت قدرته لا متناهية كذاته ومتجهة دائماً نحو الكمال، فمن أين إذن الشر والمعصية وما يترتب عليهما من عقاب وألم؟ إنهما لا يقعان إلا عن كائن حر الاختيار في نياته وأعماله، يتردد ثم يختار ويعزم. وفي تردده هذا دليل على عجزه وعدم كماله. ويترتب على اختياره نتائج ملائمة لما اختاره من عمل حسن أو سيئ. فأين قدرة الله من عمل الإنسان هذا؟ أن قدرته تعالى تحدها حرية الإنسان. والمعتزلة يتمسكون بشدة بهذا المبدأ ويبنون عليه المسألة الأخلاقية بكاملها.

ربما أن الثواب أو العقاب هو نتيجة لما اختاره الإنسان بمجرد حريته فلا يمكن الله أن يغير أو يبدل في هذا الثواب أو العقاب. ويقول النظام بهذا الصدد: أن الله لا يقدر على أن يخرج أحداً من أهل النار. ويقول أيضاً: لو وقف طفل على شفير جهنم لم يكن الله قادراً على إلقائه فيها وقدر الطفل على إلقاء نفسه فيها. إننا لا نعب من قول المعتزلة هذا لأنهم أثبتوا من جهة قدرة الله لا متناهية؛ وهي في مذهبهم ليست سوى الذات؛ وأثبتوا من جهة قدرة الإنسان على أنه حر في اختيارها. وبعد ذلك وجدوا أنفسهم أمام مشكلة عويصة وهي هل الله قادر على كل شيء: على الظلم والجور كما هو قادر على العدل؟ وبمعنى أوضح هل يقدر الله تعالى أن يثيب من استحق العقاب وان يعاقب من استحق الثواب؟ بحثت المعتزلة هذه المسألة على ضوء العدل وسنبين فيما بعد الحل الذي أتوا به وقبل أن تعرض لهذا الحل نذكر هنا عقيدة راسخة عند المعتزلة استنتجوها من قولهم بعدل الله وقدرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>