الإنسان على أعماله، وهي أن الله تعالى يعمل لما فيه صالح الخلق ولكنه يترك الإنسان حراً في اختياره. ولما كان الله تعالى لم يزل يعلم ما يختاره الإنسان من أعمال فإنه يأتي أحياناً بلطف من عنده لمساعدة ذوي الإرادة الحسنة. لذلك يقول بشر ابن المعتمر أن الله لو علم من عبد أنه لو أبقاه لآمن كان إبقاؤه إياه أصلح له من أن يميته كافراً فنلمس هنا مسألة اللطف الذي يتدارك به الله الفاسق. ولكن المعتزلة تقول أن هذا اللطف لا يمنح إلا في حالات شاذة نادرة. وخلاص نفوسنا أو هلاكها عائد إلينا، وذلك بفضل حرية اختيارنا لذلك يقول بشر بن المعتمر ومعه جميع المعتزلة أن الله لا يكون موالياً للمطيع في حال وجود طاعته، ولا معادياً للكافر في حال وجود كفره؛ وإنما يوالي المطيع في الحالة الثانية من وجود طاعته، ويعادي الكافر في الحالة الثانية من وجود كفره.
هذا قول واضح بأن الإنسان بمحض إرادته يصبح مطيعاً أو كافراً ولا قدرة لله في ذلك. وبعدما يصبح الإنسان مطيعاً (وهي الحالة الثانية التي يتحدث عنها المعتزلة) حينئذ يكون الله موالياً له! وبعدما يصبح كافراً (وهي الحالة الثانية في الكفر) حينئذ يكون الله معادياً له. ويستدل المعتزلة على ذلك بقولهم إنه لو جاز أن يساعد الله الإنسان في حال وجود الطاعة فيه لجاز أن يساعده في حال وجود الكفر فيه. وهذا محال في مذهبهم لأن الله لا يفعل الشر! والشر في الحقيقة هو المعاصي الموصلة إلى عذاب الله، على حسب قول قاسم الدمشقي.
الحكمة في أعمال الله:
تقول المعتزلة عن الله غاية في الحكمة ولا يفعل إلا الإصلاح فهو تعالى لا يعمل شيئاً اتفاقاً أو جزافاً. فعليه توجد قوانين ثابتة ومحددة من لدن حكمته تعالى تسوس جميع الأمور في هذا العالم؛ وهذه القوانين خاضعة لحكمة الله الكاملة. فيجب أن ننظر إلى كل ما يحدث في الدنيا كأنه تعبير لهذه الحكمة. وعقل الإنسان، في رأيهم، يمكنه أن يدرك هذا النظام الكامل في العالم والذي يدل على وجود خالق أزلي حكيم كامل عادل.
هل يقدر الله على أن يظلم؟
يبدو هذا السؤال غريباً في مذهب المعتزلة القائلين بأن الله كلي الكمال! ولكنهم بالرغم من