اكتشاف عجيب في كتابه الأخير على هامش السيرة (الجزء
الثالث)
للأستاذ دريني خشبة
مصادفة عجيبة. . .
مصادفة وقعت عليها وأنا أقرأ الجزء الثالث من كتاب (على هامش السيرة) للدكتور طه حسين. . .
وقبل أن أسوق للقراء خبر هذه المصادفة أقرر أنني كنت أقرأ طه حسين هذه المرة (بنية سيئة!). . . نية سيئة جداً. . . بل هي أسوأ النيات جميعاً، وليؤول صديقي الفاضل (. . .) هذا الكلام على الوجه الذي يرضيه، فنحن في غنى عن أن نقاسمه أن كلامه الذي كتبه عنا بصدد شهرزاد لم يكن السبب في نقدنا للمستشار الفني، وصاحب كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) حين أخذنا عليه عدم اهتمامه بإحياء الترجمة في مصر، أو بتنشيطها على الوجه الأكمل الذي تقتضيه نهضتنا، برغم ما أثبته في كتابه الذي ذكرنا من أن كل نهضة فكرية أو أدبية تحاول إيجادها في مصر خاصة، وفي الشرق العربي عامة، إنما ينبغي أن تقوم قبل كل شيء على الترجمة. . . لما كتبنا ذلك لم يهتم الدكتور ولم يلق باله. . . ومع أن اللهجة التي كتبنا بها كانت مما يحتمل أن يؤاخذ عليها كاتبها في ظروفه الخاصة التي تشبه ظروفنا، فإن الدكتور أغضى ولم يحفل بشيء، وإن يكن قد شرع يمد إدارة الترجمة بوزارة المعارف بالأذكياء المقتدرين الأكفاء. وقد خيل إلينا أن الدكتور لم يقرأ ما كتبناه، فهيأ لنا غرورنا (والعياذ بالله!) أن عدم القراءة أوجع لنا من القراءة مع الإغضاء. . .
لهذا، أو لبعضه، قلت إنني كنت أقرأ الجزء الثالث من هامش السيرة بنية سيئة جداً. . . نية الناقد الذي تأثر بطريقة النقد الحديثة في مصر. . . النقد الذي يتسقط الهفوات، ويعد الغلطات، ويحصى الهنات. . . النقد الذي لا يملك أعصابه، بل يرسلها في ما ينقد إرسالاً. . .