للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

مملكة النحل

عيشة النحل وتربيته الحديثة

بقلم جمال الكرداني

أفراد الخلية

كلنا لا نجهل هذه الحشرة الصغيرة التي تعطينا العسل، وقد يعدها من ليس على علم بمعيشتها من الحشرات الحقيرة مع أنها في الواقع تنشئ من جموعها مملكة هي مثال الاستقلال والرقي والنشاط. يعيش النحل معيشة اشتراكية في جماعات تقدر زنة الجماعة منها بما يقرب من خمسة إلى ستة أرطال، والجماعة تملأ ثلاثة أو أربعة أقداح، وتتميز في أفراد الجماعة الواحدة ثلاثة أنواع هي اليعسوب والذكر والشغالة

وقد يكون أوفق أن نعطي اليعسوب لقب ملكة الجماعة لجلالها وحسن سيطرتها على مثل هذا العدد الكبير - وهي وحيدة في الحالة العادية للخلية - ولكن تتعارض معيشتها بين الأفراد الأخرى للجماعة مع هذا اللقب إذ أنها تختلف عن عيشة ملوكنا بيننا، فالأجدر إذن تسميتها أم الخلية، ويعزز هذه التسمية أنها والدة كل نحلة في الخلية تقريباً

والملكة لا تترك مدينتها إلا مرة أو مرتين للإخصاب فقط بل تمضي معظم حياتها في ظلام الخلية، وإن كان هذا حكم واجبها وهو وضع البيض. وقد يشغلها هذا الواجب الدقيق عن التفات إلى شيء سواه فلها خدم بمرتبة الوصيفات لملكاتنا تحرسها وتقدم إليها الطعام وتؤدي لها غير ذلك من الخدمات. وإذا ساعدتنا الظروف على رؤية ملكة الخلية يتضح لنا جلالها إذ نجدها على القرص وحولها ما يقرب من عشرين نحلة تواجهها دائماً وتأبى أن توليها ظهرها تأدباً، وهذا الحرس ككل أفراد الجماعة يقدم حياته فداء اليعسوب إذا لزم ذلك

ويمكننا تمييز اليعسوب بطول مؤخرها لوضع البيض وقصر جناحيها، لأنها كما قلنا لا تطير خارج الخلية كثيراً. وللملكة حمة بلغ من عفافها أنها تأبى أن تلدغ بها من هو أقل منها وأضعف سلطاناً، فهي لذلك لا تستعملها إلا لمحاربة مثيلاتها الملكات إذا اقتضت الضرورة

<<  <  ج:
ص:  >  >>