(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء)
خالد بن الوليد
الصفحة الثالثة
جرى القتال في هذه الصفحة حول الحديقة، والحديقة تشمل بساتين القرية المسورة بالجدران. وهذه البساتين كثيرة في قرى اليمامة. والكثير من قرى العارض والوشم والقصيم والسدير له بساتين. فبساتين القرية على ما يتراءى لنا واقعة في بطن الوادي، ولا يعقل أن تكون على صدفة لصعوبة استقاء الماء لأرواءها، لأن الآبار على ما نعلم في بطن الوادي تتصرف إليها مياه الأمطار
ويذكر المستر فلبي عندما يبحث في الجبيلة إنها واقعة على الضفة اليمنى من الوادي، وأن قبور الصحابة الذين قتلوا في عقرباء موجودة في الضفة المقابلة لقرية الجبيلة وعلى مسافة ربع ميل منها. وهذا مما يدل على أن الحديقة واقعة في الوادي تحيط بها الجدران المبنية بالحجر والطين وعلوها، أكثر من قامة كما هو شأن الجدران التي تحيط بالبساتين عندنا
ولبي الحنفيون نداء المحكم فهجروا ميدان القتال تاركين قتلاهم فيه لدخول الحديقة واعتصموا بها مؤملين المقاومة فيها
وطارد المسلمون بني حنيفة إلى الحديقة فأحاطوا بها وتوقفوا مدة من الزمن مترددين. وكان التجاء الحنفيين إلى الحديقة وبالاً عليهم
ويظهر من أخبار الرواة أن مسيلمة قتل في أثناء الهزيمة إلى الحديقة برمية حربة. وقد ادعى عدة أناس قتله. وكل فرقة من فرق المسلمين أرادت الاشتراك في قتله. وكان للحديقة باب أغلقه المنهزمون بعد أن دخلوها وقرروا المقاومة فيها إلى اللحظة الأخيرة