للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وبعد أن تريث المسلمون ردحاً من الزمن، مترددين فيما يفعلون، صرخ فيهم البراء بن مالك قائلاً: (احملوني إلى الجدار حتى تطرحوني عليه). فساعدوه على التسلق ومع أن رواية ابن إسحاق تزعم أن البراء وحده تسلق الجدار فاقتحم الحديقة وقاتل الحنفيين على الباب حتى فتحه للمسلمين، إلا أننا نجزم أن رجالاً آخرين تسلقوا معه الجدار وكان بعضهم على الباب

وبعد أن دخل المسلمون الحديقة أوقعوا بالحنفيين إيقاعا ذريعاً، وكانت مذبحة لم يشهد المسلمون مثلها وقد سموها حديقة الموت، ومع أن روايات الطبري جميعاً تروي أن المسلمين قتلوا جميع الحنفيين في الحديقة، إلا أن رواية ينقلها ابن حبيش تزعم أن بعض الحنفيين فر من الحديقة بعد أن دخلها المسلمون

وفي رواية يذكرها ابن حبيش والبلاذري أن نساء المسلمين أيضا اشتركن في المعركة. ولقد كسب المسلمون المعركة بعد أن حاربوا من الصباح إلى العصر، ولم يعلموا بهول المصيبة إلا بعد أن توقفت رحى القتال وراحوا يكشفون عن القتلى في الميدان

وفي رواية عن أبي سعيد الخدري الذي اشترك في القتال أن خالداً أمر السقاة بعد صلاة العصر أن يسقوا الجرحى، وكان أبو عقيل بين الجرحى فيه خمسة عشر جرحاً. أما بشر بن عبد الله فكانت أمعاؤه خارجه من بطنه. وكل هذا يدل على شدة القتال

الخسائر

يبالغ المؤخرون في تقدير خسائر الحنفيين. فسيف بن عمر مثلاً يزعم أن قتلى بني حنيفة بلغوا عشرة آلاف في المعركة وفي القتال في حديقة الموت. وفي رواية أخرى يزعم أن عدد قتلى بني حنيفة بلغ واحداً وعشرين الفاً، سبعة آلاف منهم في المعركة وسبعة آلاف في حديقة الموت وسبعة آلاف في المطاردة

ولكننا نستبعد هذا العدد، إذ سبق أن ذكرنا أن قوة الحنفيين في معركة عقرباء بلغت عشرة آلاف مقاتل. والثابت أن بني حنيفة كابدوا خسائر فادحة سواء في ميدان المعركة لثباتهم في محلهم، أم في الحديقة لأنهم بالتجائهم إليها مكنوا المسلمين من أن يقطعوا عليهم خط الانسحاب فقضوا عليهم القضاء المبرم. ولعل عدد قتلاهم بلغ اكثر من ثلاثة آلاف. ومما يدل على كثرة القتلى في بني حنيفة اندثار اسمهم بعد هذه المعركة وعدم اشتراكهم في

<<  <  ج:
ص:  >  >>