الفتوح. ويقول البرنس كاتياني في كتابه الآنف الذكر (إن محدثي المسلمين يبالغون في ذكر خسائر بني حنيفة. فانهم يذكرون أن كل ذكر بلغ سن الرشد قتل في المعركة. ومع ذلك فان أحد الأدلة التي تدل على أن الحنفيين كابدوا خسائر لا تتناسب مع عددهم هو أن هذه القبيلة التي كانت قبل الإسلام كثيرة النفوس مرفهة العيش إن لم يكن لديها شيء فان كثرة عددها وحده يجب أن يجعلها ذات حصة كبيرة في المعارك التي نشبت بعد ذلك. ولكننا نرى أن ذكر هذه القبيلة يكاد يدرس تماماً من تاريخ الإسلام، وأن اسم الحنفيين لا يذكر على الإطلاق حتى على انفراد)
أما خسائر المسلمين فكانت كثيرة بالنسبة إلى عددهم أو مقدار الخسائر التي كابدوها في المعارك السابقة. فالروايات في عدد قتلى المسلمين مختلفة، فهي متفاوتة بين. ٥٠٠ و١٧٠٠. ويروي عيسى بن سهل عن جده رافع أن قتلى المسلمين بلغ عددها نصف قتلى الحنفيين، وأن الأنصار وحدهم (وكان عددهم خمسمائة مقاتل) خسروا سبعين قتيلاً ومائتي جريح. أما أبو سعيد الخدري فيزعم أن عدد قتلى الأنصار بلغ سبعين، ويقول زيد بن طلحة أن قتلى المهاجرين بلغوا السبعين وقتلى الأنصار بلغوا السبعين أيضا وأن مجموع قتلى باقي المسلمين بلغ الخمسمائة.
أما سالم بن عبد الله بن عمر فيذكر أن مجموع قتلى المسلمين بلغ الستمائة. وأما البلاذري فيقول:(وقد اختلفوا في عدة من استشهد في اليمامة فأقل ما ذكروه من مبلغها سبعمائة وأكثر ذلك ألف وسبعمائة. وقال بعضهم إن عدتهم ألف ومائتان، والذي يلوح لنا أن هذا العدد الأخير هو الأصح. وهو يؤيد الرواية التي يرويها الطبري نقلاً عن سهل إذ يقول: (قتل من المهاجرين والأنصار من أهل قصبة المدينة يومئذ ثلاثمئة وستون، ومن المهاجرين من أهل المدينة والتابعين بإحسان ثلثمائة من هؤلاء وثلثمائة من هؤلاء ستمائة أو يزيدون.)
وذكر المؤرخون أسماء الشهداء من المهاجرين والأنصار ونظموا قائمات بذلك. ويتضح من مطالعتها أن بين القتلى زيد بن الخطاب قائد القلب، وأبا حذيفة بن عتبة قائد الميمنة وشجاع بن وهب قائد الميسرة وقيس بن ثابت قائد الأنصار، ويدل كل ذلك على شدة القتال في المعركة