جمع تلاميذ بوذا الأولون حكمه وعظاته وتعاليمه ومناهج حياته العملية وضموا إليها قصصاً عجيبة وأساطير شيقة عن التجسد والتناسخ، وأخرى حوت كثيراً من معجزات بوذا وخوارقه للعادة وغير ذلك، فبلغت هذه المجموعة نحو عشرين مجلداً أطلق عليها كتاب (السلال الثلاث) ولكنها لم تكن مصونة صيانة (الفيدا) ولا صيانة (البيرانات) أو أي كتاب آخر من كتب البراهمة التي أقامت حولها القداسة سياجا من المناعة حفظها من التبديل. ولهذا مازج كتاب البوذية كثير من الخلط والعبث والانتحال حتى دس على بوذا ما لم يدر له بخلد أو يخطر له على بال.
تطور البوذية
لم تظل البوذية طويلا على هذه البساطة التي رأيناها، إذ لم تلبث أن تحولت إلى ديانة معقدة، فيها كثير من الظلمة والخفاء و (الماوراء) الطبيعيات، فبوذا قد تحول إلى إله خفي ذي أسرار عجيبة، منها أن الإله تجسد في بوذا، لينقذ البشرية بأن يحمل عنها عبء خطاياها القديمة، ويحول بينها وبين ارتكاب أخرى جديدة، لا بواسطة نشر نور المعرفة بين الناس كما كانت الحال في العهد الأول، بل بطريقة فيها من الأسرار العويصة ما يجعل الفرق بين العهدين بعيداً والخلف شاسعاً. وليس هذا فحسب، بل إن بوذا قد أصبح بعد هذا التطور رمزاً للإله المنقذ الذي جعل يجيء إلى هذا العالم الأرضي من حين إلى آخر، متقمصاً جسد أحد بني الإنسان، لينقذ البشرية في شخصه الذي يسمى في كل مرة:(بوذا) ويجري عليه ما لا يجري على أفراد بني الإنسان جميعاً من أكل وشرب وزواج وإنسال