للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المرأة المسلمة]

في القرن التاسع للهجرة (الخامس عشر للميلاد)

بقلم الآنسة نعيمة المغربي

تطلع علينا مكتبة الأديب السيد حسام الدين القدسي بالقاهرة من حين إلى آخر - بطائفة صالحة من الكتب العربية القديمة، فينبش كنوزها الدفينة، ويعرض جوهرها على أنظار عشاق الأدب، وهواة لغة العرب، وهي خدمة موفقة يضطلع بها الأديب المذكور، ويقصد من ورائها خدمة ثقافتنا العربية القديمة وأبنائها الذين يقدرون حسن اختياره وحميد مجهوده. من ذلك أنه باشر طبع كتاب (الضوء اللامع) في تراجم رجال القرن التاسع تأليف المحدث الكبير والمؤرخ النقادة شمس الدين السخاوي؛ وهذا الأثر من أعظم آثار السخاوي وأكثرها شهرة، يقع في عدة مجلدات ضخمة، ظهر منها إلى اليوم اثنا عشر جزءا. وقد خص المؤلف الجزء الثاني عشر من كتابه بتراجم نساء القرن التاسع. وكثيراً م اقتصر على اسم المترجمة وتاريخ ولادتها ووفاتها والإجازة التي تلقتها من شيوخها إن كن ثمة إجازة. ومع هذا فالباحث يستطيع أن يستخرج من (الضوء) فوائد جمة ذات قيمة تزداد وضوحاً كلما أوغل المطالع في مطالعته وازداد للمؤلف صحبة في تتبع أخبار من ترجم من نساء عصره، فهو يقع من وقت إلى آخر على حوادث طريفة وفوائد ممتعة من أحوال نساء ذلك العهد.

والكتاب يشتمل على ترجمة ألف امرأة ونيف؛ وهو عدد كبير لا يسعه كتاب واحد لو أن المؤلف توخى الإسهاب والإطالة، ولكنه لجأ إلى الإيجاز وإهمال التفاصيل كما مر. ولا أعرف السبب الذي حدا بالمؤلف رحمه الله إلى ذكر بعض نساء عصره م دام أنه لم يظفر من أخبار حياتهن بما يستحق الذكر والتدوين. وكنت أرجع أحياناً إلى كتاب (شذرات الذهب) بغية زيادة الاستيثاق من ترجمة بعض من ترجم المؤلف لهن، فأجد صاحب (الشذرات) أيضاً قد نحا منحى (صاحب الضوء) في الاختصار والاقتصار على الاسم والوفاة. ولعل عذر المؤلفين في ذلك أن نساء عصرهم كن ذوات حياة مختصرة فتبع ذلك اختصار في الترجمة، وقد يكون السبب في ترجمة هؤلاء في (الضوء اللامع) أنهن يمتتن إلى مؤلفه بقرابة أو تلمذة أو جوار أو صداقة والد؛ كما لمحنا ذلك في تراجم كثيرات منهن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>