سيقول كثير من إخواننا الأزهريين حين يقرؤون هذا الذي أكتب عن الأزهر والإصلاح: لماذا ولمه؟.
سيقول كثير من هؤلاء لماذا كتب هذا ومن يريد بكذا وماذا يقصد بكذا؟ لأنهم لابد - في اعتقادهم - أن يكون لكل شئ ظاهر وباطن، ولابد أن يكون وراء كل عمل أو قول أمر مستور يسأل عنه بماذا ولمه.
فهم يقولون في علومهم ودروسهم لماذا ولمه وماذا يراد بكذا وهذه محمدة، وهم يقولون عند ما يرون لأحد رأياً أو سعياً لماذا ولمه وماذا يراد بكذا، وهذه مذمة.
وأعلم أن كثيرين منهم سيقولون لماذا أو لمه، وهم يعلمون أن هذا الذي أكتب اليوم قد بدأته قبل أن أبدأ سن العشرين. وأني كتبته في السياسة والسياسة الأسبوعية منذ عشرين من السنين، وأن الأزهر وإصلاحه كانا شغلي وشاغلي منذ أجريت قلمي على قرطاس، وإني دأبت عليه وكان وكدي في (الرسالة) أول ما ظهرت الرسالة إلى هذا الوقت القريب وفي (البلاغ) ثماني سنين دأباً.
هؤلاء الكثيرون يعلمون ذلك وقد يعلمون غيره، ولكنهم سيقولون لماذا كتب هذا وماذا يريد وماذا يقصد؟.
ولكن هذا التساؤل وهذا التأويل وهذه الظنون حسنة أو سيئة، طيبة أم خبيثة، لن تحول بيني وبين أن أكتب ما أريد، ولن تمنعني أن أقول ما تجيش به نفسي عن الأزهر وإصلاحه.
والذي أريد أن أقوله إن الأزهر لم يصلح، وأن بينه وبين الإصلاح شأواً بعيداً وبوناً واسعاً ومرحلة طويلة جداً، ولست أدري هل إلى هذا الإصلاح سبيل؟
وأنا حين أزعم أن الأزهر لم يصلح لا أريد أن أتوجه بهذه التهمة إلى أحد ولا إلى عهد، فالواقع أن الأزهر قد التوت به وبأهله سبيل الإصلاح وبعدت بهم عن أهدافهم ومراميه؛ والواقع الذي هو أعجب من هذا كله أن الحديث عن الإصلاح في الأزهر حديث لا يصغي إليه أحد ولا يشتغل به أحد من قريب ولا من بعيد. وليس هذا شيئاً جديداً بل هو شيء يمتد