يسوءني علم الله أن أعلن لقراء الرسالة في شرق العالم العربي وغربه نبأ تلك المأساة التي يعانيها في مصر سبعون شابا من خيرة شباب اليمن، ولا أدري من المسئول عنها، ولو علمت طريقة أخرى غير طريقة النشر في الرسالة تضع حدا لهذه المأساة الأليمة لفعلت. ولكني لا أجد إلا هذه الوسيلة لأستصرخ حكومة اليمن ومفوضيتها في مصر، وأمانة الجامعة العربية وسائر من يهمهم أمر العرب والمسلمين وسمعتهم في كل مكان. .
وتتلخص المأساة في أن للحكومة اليمنية بعثة من الطلاب في شتى المعاهد المصرية، يجمعهم بيت في حلوان أو يجمع معظمهم. وتتولى حكومة اليمن الإنفاق عليهم في مصر وعددهم حوالي السبعين شابا، كلهم متعطش إلى العلم لا يضيع الفرصة التي أتاحتها له حكومته في الأيام الأخيرة
ومع أن هؤلاء الطلاب كانوا يعيشون معيشة الشظف، لأن مخصصاتهم في ذاتها ضئيلة. إلا أنهم كانوا صابرين لا يشكون، قانعين بالفرصة التي تتيح لهم لتزود العلم، مهما قاسوا من شظف
ثم حدث - ولا أدري كيف - أن قطعت عنهم مخصصاتهم فجأة، وتركوا يواجهون هذا المصير المفجع وهم - على كل حال - غرباء. ولما لم يكن بد أن يأكلوا، وأن يشربوا، وأن ينيروا دارهم التي يسكنونها في حلوان، فإن الديون قد تراكمت على البعثة. وهي ديون للجزار والبدال وبائع اللبن وبائع الخبز وإدارة التنظيم في حلوان نظير النور والماء
وصبر البدال والجزار وبائع اللبن وبائع الخبز شهراً فشهرا، ثم أخذت تقع حوادث مؤسفة لا تليق بكرامة بعثة، ولا كرامة دولة. وصار المار في الشارع الذي به بيت البعثة - وهو نفس الشارع الذي أسكنه في حلوان - بسمع مشادات متكررة بين الدائنين والطلاب على قارعة الطريق. يتدخل فيها الخيرون من سكان الحي لفض النزاع، ورجاء البدال أو القصاب أو بائع اللبن الزبادي) أن يمهل الطلاب بعض الوقت، حتى ترسل إليهم حكومتهم مخصصاتهم الشهرية. ثم يتوسط أهل الخير عند تنظيم حلوان كي لا يقطع عنهم الماء والنور. . ومتى هذا كله؟ في أيام الامتحان التي يجب أن يتفرغ الطلبة فيها للاستذكار!