للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الذرة في الصناعة]

للأستاذ خليل السالم

بعد انفجار القنبلة الذرية وحين كان صداه يرن في الأسماع، اتفق رأي الرجال الذين صفت نفوسهم ونبلت مقاصدهم بالإجماع على أن الأشياء يجب أن تنتظم لئلا يسمح لهذه الآلة المرعبة أن تستعمل في الأغراض الحربية؛ ومعنى هذا الحيلولة دون نشوب حرب جديدة. وفي الوقت عينه حارت الأسئلة على الشفاه: ما هي أغراض الخير في الكشف الجديد؟ وكيف تذلل الطاقة الكامنة في نواة الذرة لتستغل في الأغراض الصناعية؟

يختلف انطلاق الطاقة الذرية كما أفضت إليه أبحاث العلماء عما تتطلبه الصناعة من ناحيتين: الأولى أنه أغفل حساب النفقات، والثانية أن انبعاث الطاقة وقتي ومفاجئ جداً. فقد بلغت النفقات نحو نصف مليار جنيه، واشتغل في إنتاج القنبلة (١٢٥) ألف عامل لا يزال في العمل منهم (٦٥) ألفاً بينهم نفر كبير من أفضل الأدمغة العلمية في العالم. وإنه وإن كان تقدير الطاقة المتاحة متعذر لقلة الأرقام المرشدة إلا أننا سنعطي بعض التقديرات التقريبية.

تحطم نواة الراديوم تحطيماً عضوياً تدريجياً، وتمر بها ثمانية أدوار قبل أن تتحول إلى ذرة من الرصاص، وتنطلق الطاقة الكامنة المخزونة فيها خلال هذه الأدوار فتساوي الطاقة المتحررة من أوقية راديوم الطاقة الناتجة من حرق ٣٠٠ طن فحم حجري. قد تختلف هذه الطاقة عن طاقة أوقية من القنبلة الذرية ولكنها بدون شك من نف الرتبة. فإذا فرضنا أن معامل القنبلة الذرية قد أنتجت ١٠٠ باوند من العنصر الفعال تكون هذه المبالغ والجهود المنفقة قد قدمت لنا طاقة نصف مليون طن من الفحم الحجري. وعلى هذا المعدل نخسر اقتصاديا كيفما كانت أشكال استثمار الطاقة. حتى لو كان تقديرنا بعيداً عن الدقة إلا إنه يضعنا أمام مشكلة اقتصادية حقيقية.

ثم إن قوة القنبلة الذرية في التدمير والتخريب تعود في أقوى أسبابها إلى انطلاق الطاقة الفجائي. وقد لا تزيد هذه الطاقة عن طاقة بضعة ألوف من أطنان الفحم إلا أن ظهورها في مكان واحد خلال جزء بسيط من الثانية يبعث في الجو حرارة وضغوطاً موضعية هائلة تثير موجة عاصفة تكتسح كل ما يقف في طريقها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>