الإسلام يمكن أن يوصف بأوصاف كثيرة كلها حق. فهو - في غير حصر لأوصافه - دين الحق ودين العدل ودين الإحسان ودين الإخلاص ودين التوبة ودين الجهاد ودين الإخاء ودين التعاون؛ ولكن هذا كله يتصل من ناحية أو من أخرى بصفة من صفات الإسلام البارزة هي أنه دين العزة، عزة الفرد وعزة المجموع وعزة الشرع الذي يدينان به ويستمدان عزتهما من عزته. والعزات الثلاث متصل بعضها ببعض ومتوقف بعضها في الحياة العملية على بعض.
وأول ما يبدؤك من عزة الإسلام أنه ليس دين صومعة وعزلة، ولكن دين حكم ودولة. الحكم في دولته لله وقانونها شرع الله، ليس للإنسان فيه إلا الفهم والفقه وحسن التطبيق. فالقوانين الوضعية منكرة في الإسلام، وكل هذه القوانين المستمدة من الغرب أو من قدماء اليونان والرومان مردودة في الإسلام ما خالفت أحكام الله. وليس بالمسلمين إليها من حاجة إن وافقت. وما حاجة المسلمين بل ما حاجة الناس إلى حكم إن خالف حكم الله فهو خطأ وقى الله الناس بالشرع شره وإن وافق حكم الله اتفاقا كان التماسه في غير الشرع إثما للمسلم وذلة. كان إثما لأنه انصراف عن شرع الله وسوء ظن به وافتراض نقص فيه يلتمس سده في غيره؛ وكان ذلة لأن المسلم حين يحتكم إلى غير دين الله ويرضى بحكم من يعلم أنه لا يؤمن بما أنزل الله فقد خلع عن نفسه رداء العزة الذي أضفاه الله عليه حين أنزل الله له شرعا جمع له فيه وبه الخير والصواب، وحرره به من الخضوع في قول أو عمل أو نية لغير الله.
وهذا الاستسلام لله وحده هو أصل عزة الفرد المسلم، لأنه ينزع من صدره كل خشية ورهبة لغير الله. فهو إذا أطاع الحاكم المسلم إنما يطيعه طاعة لله، وإذا شكر المحسن إنما يشكره طاعة لله الذي أمره بشكر من يحسن إليه، وهلم جرا في سلسلة الطاعات والالتزامات التي يلتزم فيها المسلم طاعة غيره من الناس.
والمسلم مأمور ألا يسمع لمخلوق ولا يطيعه فيما فيه معصية لله؛ فهو عبد الله وحده قد تحرر بالإسلام من العبودية والخضوع لكل ما سواه. فنفسه قد برئت من خشية غير الله أو