في الكتب اليونانية القديمة أسماء مستعمرات أنشأتها الجاليات الأجنبية في البلاد العربية. تقع أكثرها على سواحل البحر الأحمر أو السواحل الجنوبية. وقد عنى المستشرقون بالبحث عن هذه المستعمرات وعن مواقعها وآثارها. ومن أشهر هؤلاء المستشرق النمساوي الشهير المرحوم كلاسر في كتابه القيم (صورة تاريخ البلاد العربية وجغرافيتها).
وقد أُنشئت هذه المستعمرات على ما يظهر لتموين القوافل البحرية ولحراستها من هجمات قرصان البحر. ولإقامة البحارة والتجار. ولما ضعفت الأم وهزلت ولم يعد في إمكانها إمداد هذه المستعمرات بالمؤن والرجال استعرب من كان في هذه الثكنات الحربية واندمج في مجموعة القبائل العربية. وهذا ما يفسر لنا وجود بعض الكلمات الأجنبية في اللغة العربية قبل ظهور الإسلام بزمان طويل ووجود بعض القبائل العربية ذات السحن الغربية في داخل شبه الجزيرة.
ومن جملة تلك المستعمرات مستعمرة (العيلاميين) المتاخمة لأرض المعينين وقد ذكرها المؤرخ (بلينيوس) الشهير في جملة الأماكن التي ذكر أسماءها في أرض المعينين.
ورأى المستشرق كلاسر أن هذه المستعمرة العيلامية هي من بقايا العيلاميين المعروفين سكنة عيلام سكنوا في هذه المنطقة بعد أن تمكن العيلاميون من الاستيلاء عليها وظلوا فيها بعد زوال دولة العيلاميين. ويأتي هذا المستشرق بدليل هو أن هذه المنطقة التي نتحدث عنها وجميع أرض عمان قد كانت في عهد المؤرخ (بلنيوس) تحت سيطرة الإرشاكيين وورد في نص الأكسومي اسم بشبه هذا الاسم هو (عظالم) من كلمة (عظلم). وقد وردت هذه التسمية في كتاب (صفة جزيرة العرب) للعالم الشهير الهمداني الاختصاصي في تاريخ اليمن. فلا يستبعد إذاً أن تكون هذه الكلمة محرفة عن التي ذكرت في كتاب (بلنيوس) المذكور.
وتعرف المستشرق المذكور على مستعمرة أخرى هي (امبلونة) وقد ذكرها بلنيوس أيضاً ويرجح أن سكانها من الملاطيين اليونانيين. وتقع في المحل المعروف باسم وادي العمود على مقربة من السواحل التي اشتهرت بالذهب وهي بلاد العسير على رأي المستشرق