للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أيها الشبان!]

لبول بورجيه

بمناسبة وفاته في ٢٥ ديسمبر سنة ١٩٣٥

ترجمة الأستاذ عبد الحليم الجندي

إليكم هذا الكتاب يا شباب الوطن، الذين تتراوح أعماركم بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين، والذين تبحثون في مؤلفاتنا عن جواب عن المسائل الآخذة عليكم مذاهب التفكير، أما الجواب فيعتمد قليلاً على حياتكم المعنوية حياة فرنسا ذاتها، فلسوف تسيطرون في العشرين سنة المقبلة على مصائر هذه الأمة العجوز. . . . . . . . . أمنا جميعاً

ماذا حصلتم من مؤلفاتنا؟ هذا سؤال يخاف الكتاب النزيهون من تبعاته. . . . .

في كتاب (التلميذ) بحث لهذه التبعات، وفيه دليل على أن الصديق الذي يطالعك وأنت تطالعه إنما يملؤه إيمان عميق بسلطان الأدب، ودليل آخر على أنه يفكر فيك أيام درجت تتعلم الهجاء، أيام كنا نحن كاسفي البال نوقع ألحان قريضنا الناشئ على رنين المدافع الفاغرة أفواهها على باريس، أيام كان كبارنا في صفوف المعركة، وكنا نحن الصغار في صفوف الجامعة، ترزح ضمائرنا تحت عبء فادح هو إحياء فرنسا.

كنا نناجيك يا شباب اليوم بما ناجاك به بانفيل: (أقبلوا أيها الفيلق المبارك، يا شباب الأيام التي لم تنفرط من عقد الزمان بعد، أقبلوا كالفجر الطالع، واملأوا آفاق الورى بالنور. . . .) كنا نتمنى أن يشرق فجركم وضاء يغمر الورى إشراقاً، فلقد كان فجرنا يختنق ببخار الدم الذي يسمم الأفق، وكنا نعرف أن علينا أن نعيد لكم فرنسا سيرتها الأولى؛ ولئن كنا صغاراً فلقد كنا نعلم أن أفضل ما علمنا أساتذتنا هو (أن الظفر أو الخذلان في الخارج إنما هما مظهر المنعة أو الانحلال الداخلي) كنا نعلم أن نهضة ألمانيا في فاتحة القرن لم تكن إلا عملاً من أعمال (النفس)، وكنا نعلم أن النفس الفرنسية هي التي انكسرت في حرب السبعين، وأن الأزمة الفرنسية إنما هي أزمة نفسية عبر عنها ديماس حينما قال: (. . . حذار. . . حذار. . . إنها برهة عجلى ما أسرع أن تفوت. . . تلك البرهة التي يمكن أن يكون فيها الفتى حساساً كله عواطف، أو متشككاً أو ساخراً أو مهذاراً. أما الله، وأما

<<  <  ج:
ص:  >  >>