للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب الدرامي]

١٥ - الرواية المسرحية

في التاريخ والفن

بقلم: أحمد حسن الزيات

تتمة

الغنائية (الأوبرا '

الغنائية

الغنائية هي درامة شعرية جدية أو هزلية تؤلف من الغناء والإنشاد وتأبى الحوار الكلامي، وتقبل الخوارق كالأشباح والأرواح والهواتف، وتوقع على أنغام الموسيقى، وتختلط أحياناً بالرقص، وتعنى كل العناية بالزينة والرياش. وهي غاية ما وصل إليه الجمال الفني والذوق الإنساني، لأنها مجمع الفنون الجميلة ومظهر الآداب الجليلة ومتعة النفوس ولذة الحواس بما تفيضه على العيون والآذان والأذهان من جميل الصور وحلو النغم ورائع الشعر، بله ما تقتضيه من كمال الفن الآلي لإحداث الخوارق وتغيير المناظر. فهي ولا ريب أفصح الألسنة إبانة عما بلغته القرائح من النبوغ وأدركته الفنون من النضوج في عصرها الذي مثلت فيه.

على أن قوام الغنائية وفروعها هو الموسيقى والمناظر، فهي تنزل الكلام والحادث والتعقيد في المحل الثاني منها. لذلك لا تجد كلامنا عنها إلا إجمالاً يكاد يقفك عند التعريف والتقسيم. وقبل أن نأخذ في تقسيم الغنائية يحسن بي أن أنقل إليك ما قاله في هذا الصدد الفيلسوف ابن رشد في تلخيصه كتاب الشعر لآرسططاليس. وما قاله لا يدخل في موضوعنا إلا من الباب التاريخي. وهذا الملخص قد طبعه الأستاذ المستشرق (لاريجو) بمدينة فلورنسا سنة ١٨٧٣ قال: (المحاكاة في الأقاويل الشعرية تكون من قبل ثلاثة أشياء: من قبل النغم المتفق، ومن قبل الوزن، ومن قبل التشبيه نفسه. وهذا قد يوجد كل واحد منها منفرداً عن صاحبه مثل وجود النغم في المزامير، والوزن في الرقص، والمحاكاة في اللفظ، أعني

<<  <  ج:
ص:  >  >>