للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

أسبلنزاني

صلة حديثة

(القس الماكر الذي مالق الكنسية والسلطات وهو يحتقرها جميعاً لكي يعيش ولكي يعمل في سكون؛ الذي ناضل نضال الجند بغير أهبة الجند وعدة الجند؛ الذي أثبت من مرق اللحم أن المكروبات ككل الأحياء لابد لها من آباء؛ الذي أهدى للعلم مثانته الوبيئة، ذلك الأثر الوحيد الذي بقى للناس إلى اليوم من هذا الرجل الكبير الخالد)

ولم يكن (نيدم) في هذه الأثناء غافلاً نائما، بل كان يقظاً بكل ما جرى، محساً بخطره أيما إحساس؛ وكان حاذقاً في الدعاية ماهراً في النشر والإذاعة. فذهب إلى باريس وأخذ يحاضر فيها عن مرق لحمه؛ وفي باريس التقى بالكونت الشهير (بيفون) وكان الكونت ثرياً، وكان جميلاً، وكان يحب أن يكتب في العلم، ويعتقد أنه يستطيع تخريج الحقائق من رأسه أحسن تخريج، إلا أنه والحق يقال كان أنيق الثياب أناقة منعته من دخول المعامل وممارسة التجارب. وكان بحق يعرف شيئاً من الرياضيات، فترجم عن نيوتن إلى الفرنسية. فإذا أنت علمت فضلاً عن هذا أنه كان يستطيع أن يلعب على الورق بالأرقام الكبيرة المعقدة في سهولة لعب السحرة المهرة، وإذا أنت أضفت إلى أنه رجل أرستقراطي نبيل، وأنه فوق كل هذا رجل ذو مال كثير، استطعت أن تدرك في غير عناء كبير أنه رجل من الأفذاذ القلائل الذين يحق لهم أن يقضوا لنا في أمر تلك الأحياء الصغيرة قضاء صادقاً دون الرجوع إلى التجربة، وأن يقولوا لنا أتخرج تلك الأحياء عن آباء وأمهات، أم هي تخرج من ذات نفسها - أو على الأقل هكذا كان يتحدث عنه سخره باريس الكفرة الفجرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>