على ميعاد - في بناء الجيل الجديد - ظرف المكان - ضيوف القاهرة - شارع الشريف وغيط الشريف
على ميعاد
مع من؟ مع الربيع بعد أن كاد يخلف الميعاد
في صباح كل يوم من هذه الأيام أطالع وجوه الأشجار الضواحك، عساني أنسى عبوسها في الشتاء الذي طال ثم طال، إلى حد الإملال. ومن العجب أن أرى أشجاراً لم تورق بعد، كأنها تخشى أن يكون انصرام الشتاء خبراً لم يقم على صحته دليل. فلتقرأ هذه الأشجار هذا الكلام، ولتصدق أننا في (مايو) شهر الأزهار والرياحين
لا شتاء بعد اليوم من هذا العام، فلنفرح بقدوم الربيع الأول وهو مطلع الصيف، إلى أن يجيء الربيع الثاني، الربيع الحقيقي في الديار المصرية، وهو الذي يقع في الأشهر الثلاثة: أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، وهي أشهر الصفاء والرخاء في هذه البلاد
مرحباً بالصيف، والصيف المصري جدير بالترحيب. فبفضله نتذوق نسمات في المساء لا تجود بمثلها الطبيعة في أي أرض. والقيظ في مصر يُتقى بالطل؛ وفي غير مصر لا يُتقى القيظ إلا بوسائل يغلب عليها الافتعال
وطعم الظل في مصر لعهد الصيف جميل المذاق إلى أبعد الحدود. ولا أدري كيف تركناه بلا تنويه فيما كتبنا عن خصائص الطبيعة المصرية
ولا بد من النص على حقيقتين من حقائق الحياة في مصر قبل أن أنسى وينسى الناس:
الحقيقة الأولى هي جمال الشتاء المصري قبل التمدن الحديث، ولا يعرف قيمة هذا الجمال إلا من نشأ في الريف، فقد كان هنالك طعمٌ لذيذ للدفء في (القاعة المحمية)، وكان لتلك القاعات فضلٌ في خلق شعور السعادة بالتغلب على قسوة الشتاء
الحقيقة الثانية هي جمال الزّير المعلَّق في أيام الصيف، وهو يمنح الماء طعماً لا يمنحه الثلج بأي حال
وبالقرب من دار الرسالة حارة تسمى حارة الزير المعلق، فمن كان يجهل أصل هذه