للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفرقة القومية المصرية والمسرح المحلي]

لناقد (الرسالة) الفني

باعد المسرح ما بينه وبين الأدب والأدباء، لأن أصحاب الفرق التمثيلية - فيما مضى - جعلوا مثلهم العليا والروايات الثائرة العنيفة التي لا تمت إلى الفن الرفيع بسبب، وكانوا بصفتهم ممثلين ومخرجين يوجهون الفن حسب أهوائهم، حتى إنه كان لبعضهم مؤلفون من نوع خاص، وهذه السياسة التي ساروا عليها جعلت النظارة من المثقفين الذين يطلبون الفن ينفضون عن دور التمثيل، مفصلين السينما، وكانت هذه الجناية من أكبر الأسباب التي قعدت بالمسرح وأتت عليه

ومدت الحكومة يدها إلى المسرح لتقيله من عثرته، وتكونت الفرقة القومية المصرية، وعملت موسماً متقطعاً على مسرح الأوبرا عرضت خلاله عدة روايات من روائع الأدب الغربي

على أن ما عرضته وإن كان جديراً بالتقدير، لن يؤدي إلى الغاية المقصودة، فان المسرح إذا عنى بالترجمة والنقل فقط، لن يكون إلا صدى للمسارح الغربية، والحياة المصرية على تقمها لن تشبه ولن تبلغ الحياة الغربية ومجتمعاتها وعاداتها

حقاً إن الروايات المسرحية فيكل الأمم غربية أو شرقية ترمي إلى بذر الخير في النفوس واقتلاع الشر من الرؤوس وتغذية القلوب بالعواطف النبيلة بتصوير المثل العليا وتمجيدها وتقويم المعوج من الأخلاق والعادات، كما تعني بدقائق الحياة الداخلية ومشاكلها الاجتماعية والتجديد للمستقبل وتوجيه التطور إلى الناحية التي تجدي على الشعب والإنسانية، إلا أن التباين في العادات يضعف أثر التمثيل في نفوس النظارة، ولهذا فان ما تبذله الحكومة من جهد ومال لن يكون له الأثر المنشود ما دامت الفرقة تعرض الروايات الغربية

نحن لا ننكر أن اللغة والأدب قد اكتسبا الكثير من نقل هذه الروايات إلى العربية، ولكن المسرح المحلي والاهتمام بتكوينه ليعالج مشاكلنا الاجتماعية، أهم لدينا من كل ما عداه، فالمسرح وهو فن من فنون الاجتماع، يجب أن يؤدي رسالته مستعيناً بالأدب، لا أن يكون أداة اللغة فحسب

والمسرح وهو وسيلة من وسائل الإصلاح يجب ألا ترتفع لغته كثيراً حتى يمكن الشعب أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>