للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسرار حياة بلاد العرب السعيدة]

'

تأليف الكاتب الإيطالي سلفاتوري آبونتي

للأستاذ محمد عبد الله العمودي

يقسم الجغرافيون القدامى البلاد العربية من حيث التكوين الطبيعي وخصوبة الأرض إلى شطرين عظيمين: يمثل أولهما بلاد العرب الصحراوية وأطلقوا عليه وهو الجزء الشمالي من الجزيرة. والآخر بلاد العرب السعيدة وأسموه وعنوا به الجزء الجنوبي من الجزيرة بما يعرف اليوم باليمن وحضر موت، وما ناوحها من الكور والمخاليف

وهذا التقسيم ليس من مستحدثات هذا العصر، ولكنه يرتفع إلى عصر سحيق جداً؛ فمؤرخو الإغريق والرومان هم أقدم من كتب عن هذا القطر الخصيب، وأول من ابتدع هذا التعريف تفريقاً بين الإقليميين من حيث قوة الإنتاج وكرم الأرض وجمال التربة

وأصبحت (بلاد العرب السعيدة) علماً مشهوراً على بلاد اليمن، وبقى هذا المفهوم بهذا الوضع اللفظي واحداً في سائر اللغات الأوربية مع تحريف بسيط في المقطع الثاني من الكلمة الأخيرة

وترجع شهرة هذا القطر الكريم من بلاد العرب إلى عصور متلاحقة في القدم حينما خط أولئك اليمانون على أمواج الدهور حضارات ومدنيات بلغت النهاية القصوى من الإبداع والازدهار والحيرة مازالت أسرارها بعيدة متفرقة في خفايا الدهور، ورمال الصحراء! وبالرغم من كثرة الرواد الذين اقتحموا هذه البلاد، وتغلغلوا في آفاق بعيدة مهمة منها، وأماطوا اللثام عن بعض أسرارها وخفاياها، فبلاد اليمن أو الجزء الجنوبي من بلاد العرب مازال لغزاً من الألغاز، وسراً استغلق فهمه على الأجيال، وسيبقى هكذا إلى أن يبدل الله أرضاً بأرض وأقواماً بأقوام!

هذا الجزء الخصيب من الجزيرة العربية يؤلف منذ أقدم العصور حتى أيامنا هذه سلسلة متلاحقة الحلقات، قائمة بنفسها لجماعات من الرواد الذين رادوا هذه البلاد فجاسوا خلال ديارها ونقبوا عن أطلالها، فكتبوا عنها تقارير ضافية، مبنية على صدق الملاحظة والاستنتاج الشخصي القائم على الخبرة والبصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>