للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول الفكر العربي]

الغرض من دراسة الفكر العربي

للأستاذ عبد العزيز محمد الزكي

- ١ -

في الوقت الحاضر تبذل الدول العربية قصارى جهدها لتحظى بمكانة دولية مهيبة تساعدها على نيل مآربها السياسية والاستقلالية إلا أن الوصول إلى مثل هذه الغاية يحول دونه عقبات، من بينها عقبة ضعف الشخصية العربية وضآلتها، ثم عقبة جهل العرب بمقوماتهم العقلية الممتازة.

ويرجع ضعف الشخصية العربية إلى تهاون العرب في التمسك بأخلاق القرآن، وتفريطهم في إعطاء التعاليم الإسلامية صبغة عملية يظهر أثرها النافع في الحياة الخاصة والعامة، بينما يعود جهل العرب بمقوماتهم العقلية الراقية إلى أن الشعوب العربية لم تكلف نفسها مشقة الكشف عن كنه ميولها الفكرية، أو تهتم بشحذها حتى تنضج، أو تعتني بكشف الميادين التي تقدر أن تخوضها وتتفوق فيها، حتى تستطيع أن تدخل غمار النضال العالمي مزودة بأسلحة أخلاقية سامية وواقعية في نفس الوقت، وتنم عن شخصية قوية لها صفات مميزة، وممونة بمعدات عقلية تستعين بها في إثبات وجودها ككائن حي فعال في الحياة الدولية يختص بأداء عمل معين لا يضارعه فيه كائن آخر من الكائنات الدولية؛ فيحقق ذلك كله للعرب ما تصبو إليه نفوسهم من رقي، ويحتلون مكانة دولية تجبر المستعمر على احترام حقوقهم المسلوبة. أما من ناحية ضعف الشخصية العربية فإنها لن تتقوى ما لم تمهد السبل لبعث التعاليم الإسلامية في صورة حية واقعية، تطلقها من سجن أروقة المساجد وحجرات الدراسة، وتدفع بها في تيار الحياة اليومية الرحب المتنوع، حتى لا يشعر أي فرد بوجود انفصال بين الدين والحياة، ويحس بأن الدين من الحياة وأنه أنزل من السماء ليلبي أغراض الحياة سواء أكانت روحية أو مادية، ولا يعترض سيل تطورها، أو يعوق تقدمها؛ فإن انقطعت الصلة بين الدين والحياة كما هو الحال في البلاد العربية، عد ذلك تقصيراً من رجال الدين في البحث عن هذه الصلة. ولذلك يجب عليهم أن يوثقوا العري

<<  <  ج:
ص:  >  >>