وثارت في ثائرة القرم إلى الانتقام واشتد بي النهم إلى الثأر وشغلتني الخاطرة فملأت نفسي وسيطرت على أخيلتي، وفي رأيي أن الناس يحترمون القوي ويتملقونه ويسخرون من الضعيف ويمتهنونه. وعز على أن أعيش عمري في الذلة والمسكنة فعزمت على أمر. . .
ورحت أقضي شطراً من يومي في أحد الأندية الرياضية، وشطراً آخر بين أوراقي ودرسي، ومرت الأيام فإذا ساعدي قد اشتد وعضلي قد تكتل وإذا عقلي قد استوى واستقام.
وقويت نفسي حين رأيتني في الصدر قوة وعلماً، فطردت خادمي بعد أن أذقته وبال أمره، وانطلقت إلى أبي أطلب - في شدة وعنف - أن يرتب لي من المال ما يحفظ علي كرامتي وكبريائي فما تمهل، وانطويت عن زوجة أبي وأنا أحدجها بنظرات فيها الاحتقار والبغض، ووجدت اللذة والسعادة في أن أبطش بأترابي وأقاربي فاندفعت أذيقهم الذلة وأسلوبهم الخسف لا تأخذني بهم رأفة ولا أستشعر نحوهم الرحمة.
وتخرجت في الجامعة لأفرغ إلى الانتقام وبي إليه قرم وأخلص إلى الأخذ بالثأر وبي نهم إليه. وسلكت إلى غايتي سبلاً شيطانية وأنا أعجب أن تسيطر علي روح الإجرام وأنا رجل علم وأدب. ولكن، هل كان الشيطان إلا وعاء علم وأدب لبسته روح الإجرام؟
ودفعتني شيطانيتي إلى أفانين من الانتقام أحكم نسجها، فانطلقت. . .
اليوم غلتي وأشفيت داء صدري، بعد أن عذيت من سخروا مني طفلا وقتلت من قسوا علي
صغيراً فهل تراني ندمت على أمر وأنا أشعر بأنني قد أديت رسالة قلبي؟.
ولكن عين العدالة لم تغفل عني فأنت ترى الآن الغل في يدي والقيد في رجلي وسيف الجلاد ينتظرني بعد أيام.
فقل لي - يا صاحبي - من عسى أن يكون الملوم، من عسى أن يكون يا صاحبي؟.