للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[طلائع هجوم الصيف]

رجال الأدب ورجال القضاء

(ما رأي الأستاذ الزيات والأستاذ العقاد في موضوع هذا

الحديث؟)

للدكتور زكي مبارك

أشرت فيما سلف إلى خطأ الأستاذ توفيق الحكيم حين (منَّ) على الأدب بأنه هجر من أجله القضاء، فقد كان (وكيل نيابة)، وكان يستطيع بقليل من الصبر أن يصير من القضاة المحترمين، على حدّ تعبيره الجميل!

ولو أن هذا (المنّ) صدّر عن رجل غير توفيق الحكيم، لكان من السهل أن نضيفه إلى العامية الفكرية، والأفكار كالناس فيها عوام وخواص، فلم يبق إلا أن نحكم بأن ذلك (المنّ) هفوة قلم وقع فيها توفيق الحكيم وهو يحاور طه حسين

وقبل أن أواجه موضوع هذا الحديث، أُسجِّل أن رجال القضاء في مصر أقاموا أُلوف البراهين على أنهم من أرباب الفكر المُشرق، وأن نزاهتهم فوق الأوهام والظنون

ولكني مع هذا لا أقبل القول بأن رجال القضاء أرفع منزلةً من رجال البيان، وما يسيغ ذهني أن يكون في خلق الله من يتفوق في الرفعة والشرف على صاحب القلم البليغ

ثم أواجه الموضوع فأقول، على أي أساس يقوم القولّ بأن رجال القضاء أعلى من رجال البيان؟!

أيكون الأساس هو الفرق بين تكوين القاضي وتكوين الأديب من النواحي العقلية والذوقية والروحية؟

إن كان ذلك هو الأساس، فنقضُه أسهل من السهل، والقضاة أنفسهم يعرفون أن تكوين الأديب من أخطر المعضلات، وأن الله قضى بأن تكون دولة القلم إلى آحاد، ولو كانت تلك الدولة في أمة يعد أفرادها بمئات الملايين

إن من حق كل متخرج في كلية الحقوق أن يكون من رجال القضاء، وليس من حق كل متخرج في كلية الآداب أن يصير من رجال البيان، لأن للأدب شرائط أساسية، ومن تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>