أراد لها غير ذلك لخلقها من رأس آدم فهيمنت عليه، أو من إحدى جوارحه فسعت معه
فقالت السيدة: ولم لا يكون لخلقها من ضلع آدم حكمة أخرى يا أستاذ؟ أليس في خلقها من أحناء صدره تعيين لوظيفتها وتوجيه لرسالتها؟ إن حنوها على الزوج والولد، كحنو الضلوع على القلب والكبد. والأسرة التي تشبل عليها المرأة هي العضو الرئيسي في جسم الأمة، كما أن الأجزاء التي تشبل عليها الضلوع هي الأعضاء الرئيسية في جسم الإنسان
قال الطبيب: معنى ذلك أن عمل المرأة لا يتعدى المنزل
فقالت السيدة: وهل ذلك يسير؟ إن المنزل عالم أصغر ينطوي فيه العالم الأكبر. وإذا كانت الأمة هي الأسرة مكرَّرة، والوطن هو الدار مكبَّرة، فإن المرأة القائمة على شؤونهما لتحتاج من الثقافة والحصافة ما يحتاجه رجل الدولة. إن في البيت حجرة طعام، وغرفة نوم، وبهو استقبال، وقاعة مكتبة، وحديقة زهر، ولكل مكان من هذه الأمكنة ثقافة خاصة لابد للمرأة الصالحة أن تحذقها جميعاً
ومضت السيدة في حديثها العذب تفصِّل هذا الأجمال، والطبيب والمحامي يصغيان إصغاء الإعجاب، والضابط والفلاح ينظران نظر العجّب؛ أما الشيخ فقد كان همه كله من هذا الحديث، أن يرقب اتفاقه أو اختلافه مع القرآن والحديث