للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخصيان]

أصل العادة وتاريخها وانتشارها

للدكتور مأمون عبد السلام

هوت الغيرة الجنسية بالإنسان إلى دركة ما دون الوحوش، فوسوس إليه الشيطان أن ينتزع الرجولة من الأبرياء ليتخذهم خداماً يأتمنهم على عرض نسائه وحفظة لطهارتهن. هذا هو الأصل في اتخاذ الخصيان. وهي عادة لجأ إليها الصينيون والهنود والبابليون والفرس من عصور خالية، فقد أخبرنا هيرودوت بما كان للخصيان من السطوة في دولة الفرس في عهده

وقد عرفهم العرب من قديم فقالوا: (خصي بصي ومخصي، وتقول العامة طواشي، وهي كلمة مولدة ليست من كلام العرب. فقد كان من عادة العرب الجاهلية أن يخصوا أسراهم كما كان يفعل قدماء المصريين؛ وتجد ذلك مصوراً على جدران مدينة حابو، وكما يفعل الأحباش الآن. وهذه العادة قديمة في مصر، فقد عثروا في هرم أوناس على مخطوط عرف منه أن حوريس سل خصيتي سيت. وقد اتخذ الفراعنة الخصيان في قصورهم فبلغوا من النفوذ والسطوة ما حدا بهم إلى قتل أمانيميس وهو الفرعون الثاني من العائلة الثانية عشرة

ونظراً للاعتقاد السائد بأمانة الخصيان فقد أطلق اسم الخصي على أمناء فرعون وملوك بني إسرائيل، فقد جاء في سفر التكوين (١: ٣٩): (وأما يوسف فأنزل إلى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط) وكلنا يعلم أن فوطيفار وهو العزيز كان متزوجاً وقد راودت زوجه يوسف عليه السلام عن نفسه فأبى واستعصم

وقد اتخذ بنو إسرائيل الخصيان كما ذكر في الكتاب المقدس (الملوك الثاني ٣٢: ٩ - ٣٣ و١٥: ٢٤ وأخبار الأيام الأول ١: ٢٨ وإستير ١: ٦ - ٢) وقد حرمت التوراة اتخاذ الخصيان وخصاء الحيوان، فقد جاء في سفر التثنية (١: ٢٣): لا يدخل مخصي بالرض أو محجبوب في جماعة الرب. وجاء في سفر اللاوبين: ومرضوض الخصية ومسحوقها ومنزوعها ومقطوعها لا تقربوا للرب

وقد أخذ الإغريق هذه العادة عن الشعوب الأسيوية التي غزاها الاسكندر المقدوني فانتشرت بينهم بعد موته؛ واسم الخصي عندهم يونوقوس (ومنها الكلمة الإفرنجية بونوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>