قرأت في العدد ٢٧٨ من الرسالة فصلاً للأستاذ كرم ملحم كرم عن ولي الدين يكن، فسرني أن يتحدث أديب من بيروت عن ولي الدين، فإن ولي الدين لا يذكره المصريون، كأنه لم يعش بينهم ولا يتحدثون عنه، كأنه لم يكن شيئاً ذا بال. ويرحمه الله فهو القائل (. . . وليس رجل ينكره معارفه ويتجافاه أقرب أقاربه إلا الأديب، فهو إذا برّز على أقرانه حسدوه وإن قصر عنهم حقروه)
ومن الحق أن أقول إنني لم أكد أفرغ من قراءة المقال حتى أحببت أن أقول شيئاً في ولي الدين، لا لأن الأستاذ كرم حبّب هذا الشاعر إليّ، فإني أحب ولي الدين من قبل، وقد كتبت عنه أكثر من مرة، وإنما لأن الأستاذ له رأي في شعر ولي الدين السياسي لم أستطع فهمه، فهو يقول:
(ولي الدين كان عبد العاطفة، وكل شعر شذ به عن العاطفة كبا فيه، والدليل شعره السياسي؛ فأين هذا الشعر من القصائد المصهور فيها قلب ولي الدين؟ فبينا أنت إزاء ولي الدين العاطفي في حضرة شاعر من الطبقة الأولى إذا بك تجاه شعره السياسي أمام شاعر من الطبقة الثانية بل الثالثة)
ولقد جرى في أكثر حديث الأستاذ معنى هذا الكلام واتضح أنه حكم على شعر الرجل السياسي حكماً لا أقول قاسياً وإنما هو بعيد عن ولي الدين
والغريب أن الأستاذ حين أراد أن يقيم الحجة على رأيه تجاهل شعر ولي الدين السياسي كله ولم يذكر منه إلا هذين البيتين:
هلمو بنا نحو الأمير نسلم ... سلام على عباس مصر المعظم
ألا إن في الأكباد شوقاً مبرحاً ... إليه فقد كادت من الشوق تدمى
مع أن هذين البيتين لا يدخلان في باب الشعر السياسي بقدر ما يدخلان في باب التهنئة والمديح!
أحب الآن إذاً أن أعرض لشعر ولي الدين السياسي وأن أعرض له في شيء من الإيجاز،