للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإني أعلم أن صفحات الرسالة معدودة ووقت فراغي محدود

شعر ولي الدين السياسي جله عذب وجله قد نطق به (وقلبه مصهور) وأظن أن القلب لا يصهره حب الغواني فقط - كما يفهم من مقال الأستاذ - وإنما تصهره الآلام جميعاً مهما كانت مصادرها. والذي يعرف تاريخ ولي الدين وحياته بين القاهرة والآستانة وسيواس يعرف أن شعره السياسي لم يكن عبثاً وإنما كان ينطق به وعواطفه ملهبة وقلبه ملتاع.

لقد كان ولي الدين أصدر بالقاهرة جريدة سماها (الاستقامة) فمنعت حكومة الآستانة دخولها إلى المالك العثمانية واضطر أن يوقف صدورها ويودعها بقصيدة جاء فيها:

ولي أمل أودي الزمان بنجحه ... وخيبه سوء الظنون فخابا

ولو شئت وفيت الليالي حسابها ... عليه ولكن لا أشاء حسابا

ومنها:

فمن مبلغ عني الغضاب الألى جنوا ... بأني امرؤ ما إن أخاف غضابا

أذم فلا أخشى عقاباً يصيبني ... وأمدح لا أرجو بذاك ثواباً

علام أحابي معشرا أنا خيرهم ... ومثلي إذا حابى الرجال يحابى

إلى أن قال:

ولما غدا قول الصواب مذمماً ... عزمت على أن لا أقول صوابا

فجافيت أقلامي وعفت (استقامتي) ... ورحت أرجي للسلامة بابا

فهل من الحق أن ننكر في هذه الأبيات قلب ولي الدين وعاطفته وهل من الحق أنه قد كبا فيها؟ لا أظن.

وهذه أبيات من قطعة أخرى قالها ولي الدين في منفاه:

فؤاد دأبه الذكر ... وعين ملؤها عبر

ونفس في شبيبتها ... وجسم مسه الكبر

وآمال مضيعة ... ووقت كله هذر

وعيش عذبه مضض ... وعمر صفوه كدر

أما يا ليل من صبح ... لمن سهروا فينتظر

ومنها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>