للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علام نلوم أعداء ... على شر إذا قدروا

بلونهم لدن شبوا ... أننساهم إذا كبروا

نصحناهم فما انتصحوا ... زجرناهم فما ازدجروا

لقد صلدت قلوبهمُ ... كأن قلوبهم حجر

إذا ائتمروا على كيد ... فإنا سوف نأتمر

فمن نخشى وفوق العر ... ش مهما يغترر بشر

فهل من الحق أن ننكر في هذه الأبيات أيضاً قلب ولي الدين وعاطفته؟ وهل من الحق أنه قد كبا فيها؟

وانظر إلى ولي الدين وهو يصور رجال العصر الحميدي وقادته في أبيات لا تقل جمالاً عن سالفتها:

كفى حزناً أن الرجال كثيرة ... وليس لنا فيما نراه رجال

نحكم قوماً لا يبالون قائلاً ... وإن قام كل العالمين فقالوا

إذا ارتقبوا أمراً فذلك منصب ... أو اطلبوا شيئاً فذلك مال

بغال تسوس الأسد شر سياسة ... وما ساس أسداً قبل ذاك بغال

أما بعد: فالأستاذ كرم موافق على أن ولي الدين يجيد ويسمو ويبرع ويروع حين يصهر قلبه، فهل حالات ولي الدين التي دفعته إلى أن يقول هذا الشعر الذي قدمتُه لا تصهر قلبه؟ وماذا ننتظر من رجل تحولت آماله آلاما سوى أن نسمع منه صدى قلبه المصهور، ومن رجل منفي سوى أن ينطق بما يكابد ويعاني، ومن رجل حرا أبى - يرى حريته مكبوتة ولسانه معقوداً - سوى أن يترجم لواعجه وفواجعه؟

إحدى اثنتين: إما أن يكون ولي الدين يجيد ويروع حين يصهر قلبه - كما يرى الأستاذ - وإذاً فهذه الأبيات جيدة رائعة، وإما أن هذه الأبيات ليست جيدة ولا رائعة - كما يرى الأستاذ كذلك - وإذا فولي الدين لا يجيد ويروع حين يصهر قلبه فليختر الأستاذ لنفسه إحدى السبيلين

(طهطا)

محمد مجاهد بلال

<<  <  ج:
ص:  >  >>