الحرية. . . المعنى الحقيقي لها. . . صلتها بالتربية. . .
تحديد رسالة المربي
للأستاذ كمال السيد درويش
(تابع)
لقد اختلف الناس حول تفسير الحرية منذ القدم وسوف يظلون على اختلافهم هذا. وهل ينعم المجتمع الإنساني حتى الآن بالحرية كما يجب أن يكون؟
إن أول معنى للحرية هو الذي فهمه الإنسان الأول حين كان يسعى في الغابات: حرية مطلقة غير مقيدة اللهم إلا بقيود البيئة التي يعيش فيها
ثم تطور معنى الحرية ينمو المجتمع الإنساني وظهور التقاليد تلك التي استبدت بحرية الإنسان وأخذت تسلبه إياها رويدا رويدا حتى شعر في النهاية بسلطانها الديكتاتوري فقام يثور ضد عبودية التقاليد. . . قام يستعيد حريته الأولى. . . حريته المطلقة عرف الإنسان الحرية بمعناها المطلق وما كاد يبتعد عنها حتى عاد إليها. وهذه هي الحرية التي نادى بها جان جاك روسو:(لقد ولد الإنسان حرا. .)
ولكن الحرية المطلقة كانت نكبة على الإنسان فنفر منها وهجرها. وكيف لا يفر منها وقد وجدها تقتل نفسها بنفسها فتستحيل بذلك إلى الديكتاتورية بعينها. ألست حرا في أن أفعل ما أشاء؟ وغيري أليس بدوره حرا؟ سأستعبده بحريتي المطلقة، وسيستعبدني بدوره وهكذا يصبح كل منا عبدا للآخر
جرب الإنسان الحرية المطلقة كما جرب الديكتاتورية فوجد أنهما اسمان لمسمى واحد، ذلك هو العبودية. وواجهته المشكلة فماذا فعل لحلها؟ لقد لجأ إلى الحل الوسط: يجب ألا يتمتع بالحرية هكذا مطلقة من كل القيود كما يجب ألا يعيش بدونها. الحرية المقيدة هي علاج حيرة الإنسان
وخرج الإنسان من المشكلة ليجد مشكلة أخرى اشد تعقيدا، حقا يجب تقييد الحرية ولكن إلى أي حد يجب تقييدها؟!