[نجوى!]
مَرْثِيَة زَهْرَة!!
(عثر الشاعر في رسائلها الحزينة على زهرة ذابلة عادت بها
سنين الفرق وهي هامدة مفطورة ينفح رفاتها عطر الفناء!!)
يا ابنَةَ الماضِي وما الماضي سِوَي ... نَعْشِ أَحْلاَمِي إلى الْقَبْرِ يَسِيرُ!
إِنْ يَكُنْ ماتَ بَدُنْيَاِك الهَوى ... فَهْوَ في دُنيايَ لَفْحٌ وَسَعِيرٌ
في دَمِي مِنْهُ عَذابٌ وَجَوَى ... وَعَلَى الأنفاسِ وَجدٌ مُستطيرُ
وَعَلَى أيَّامِيَ السُّودِ فُتورُ ... كالّذي نفضهُ الْموتُ عَليكِ
فاسْأَلي عَنهُ تُناجيكِ الْعطورُ ... إِنْ يَكنْ فيها بَقياتٌ لَديكِ
مَا لأِوراقكِ في الصَّمتِ حَزانى ... ثَاكلاتِ الْعطرِ شَلاَء الرَّفيفِ
غَارقاتٍ في الضَّنى تَبْكِي حَنانا ... وَبكاءُ الصَّمتِ سُلوانُ الضَّعيفِ
أَتُراها نَقلتْ عَنِّي الْهَوَانا؟ ... واسْتعارتْ شَجَنَ الْقلبِ اللَّهيفِ
أَمْ تُراها شَرِبتُ كَأْس الْخَريفِ ... حِينما طَاف بها سَاقي الرِّياحِ؟
حَشرجتْ مِنها وذابتْ في شُفوفٍ ... خَضبتْ أسْتَارَها كَفُّ الْجِراحِ
اذكُري يا زَهْرةَ الذِّكْرَى غَرامِي ... وَهوَ دُنْيايَ وَديني في الحياةِ
يَوْمَ فَتَّحتِ لِصَفْوِي وَابتِسامِي ... وَتَطَهَّرْتِ بِنَارِ الْقُبُلاَتِ
وَانْتَشَى عِطْرُكِ مِنْ سِحرِ اُلْهيامِ ... فَغَدَا أَحْلاَمَ نُسْكٍ في صَلاةٍ
طاهِرَ الأنْفَاسِ عَفَّ النَّفَحَاتِ ... أَيْنَ مِنْهُ رَشْفَةٌ لِلظَّامِئِينْ؟
أَنَا وَالشِّعْرُ وَحُبِّي وِفَتَاتي ... قَدْ حُرِمْنَا كأْسَهُ خَمْسَ سِنِينْ
قد حُرِمْناها! ولم يَبْقَ لَدَيْنا ... غَيْرُ طَيْفٍ مِنْ رُفَاتِ الذِّكريَاتِ
كلَّما أَوْمَا إلى الماضِي بَكَيْنا ... وَدَفَنَّا حَظَّنا في الْعَبَرَاتِ
ثم عُدْنا والْهوى بين يدَيْنا ... كِجِناَز الصَّمْتِ بين الفلَواتِ
عودةَ الْعِطْرِ لتلْكَ الورقاتِ ... هُوَ حيُّ وهي في الأكْفانِ غَرْقَى
فارْقُبِي يا زَهْرَةَ الذِّكْرى مَماتي ... نَضَبتْ روحي وذابَ الْعمْرُ شَوْقاَ!