للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الوالدان

للكاتب الألماني رودولف كرودزر

بعد أن أحيل القاضي هجونوير إلى المعاش اشترى قطعة أرض في الريف واعتزل حياة المدينة التي كانت مسرحا لآلامه وهمومه حيث توفيت زوجتهه قبل الحرب، كما ان ولده الوحيد أنتظم في سلك الجندية وذهب إلى الميدان دون رجعه ولم يعد يؤنسه في وحدته الآن إلا خادمة العجوز.

مضت عشرون عاما وبدا الماضي يمحي بصورة المحزنه من مخيلة الرجل ونفض عنه أعوام مضت قاسي فيها الأهوال ولكن الماضي جاء يقرع بابه بقوة يلح في الدخول.

كان ذلك في يوم من أيام أغسطس وكان القاضي واقفا في حديقة داره بين الأوراد الجميلة التي يتعهدها بنفسه حين جاءته الخادم ومعها بطاقة باسم رجل إنجليزي يدعى جيمس مارلو من جلوسستر. أما حرفته فلم يكن لها ذكر في البطاقة.

لم يعرف الرجل من يكون ضيفة وذهب إليه في حجرة الاستقبال فتقدم الإنكليزي في أدب جم واحترام زائد وهو يقول في همس بأنه سعيد لتشرفه بمعرفة والد الكابتن فرانز هجنوير؛ فدهش القاضي. من أين عرف ذلك الرجل اسم والده؟ ولما أخبره هجنوير بأن ابنه قد توفى في الحرب وكست وجه الرجل الغريب السبعيني الطويل القامة موجه من الحزن والأسف لأنه شعر بآلام الذي ارتسم على وجه القاضي لتجديده تلك الذكرى الحزينه اعتذار من ذلك ثم أوضح شخصيته. فهو والد ضابط إنجليزي يدعى هارلو مارلو، وإن كان فرانز قد مات في الحرب بطلا شهيدا، إلا أن هاري مات بعد أن حوكم عسكريا لما أبداه من جبن أمام العدو وبعدما جردوه من رتبه الشريفة.

قام الرجل العجوز المتهدم وقطع الغرفة جيئة وذهابا وهو يشرح كيف استنكر ذلك من ولده وإلا لغدا أشرف عائلة مارلو في التراب. حاول أن يعرف السبب الذي حوكم ابنه من اجله، لانه عاد منفردا إلى فرقته بينما كان بقية جنوده يقاتلون في الميدان؟ لقد ظل أمر عودته سرا مكتوما بينه وبين نفسه ولم يكتشفه أحد.

هذه هي المشكلة. انه يعرف ولده جيدا فهو شجاع إلى أقصى حدود الشجاعة، ولا يظنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>