ومر زارا بالغاب يوماً ومعه صحبه فاكتشف وهو يفتش عن ينبوع مرجاً منبسطاً بين الأشجار والأدغال، وكان هنالك رهط من الصبايا يرقصن بعيداً عن أعين الرقباء. وإذ لمحن القادم وعرفنه توقفن عن الرقص ولكن زارا اقترب منهن وخاطبهن قائلا.
- داومن على رقصكن، أيتها الآنسات الجميلات، فما القادم بمزعج للفرحين وما هو بعدو للصبايا. أنا من يدافع عن الله أمام الشيطان، وما الشيطان إلا الروح الثقيل فهل يسعني أن أكون عدواً لما فيكن من بهاء ورشاقة وخفة روح؟ وهل لي أن أكون عدواً للرقص الإلهي ترسمه مثل هذه الأقدام الضوامر الرشيقات. . .؟
لا ريب في أنني غابة اشتبكت فيها قاتمات الأشجار وساد الحلك على أرجائها ولكن من يقتحم ظلماتي بلا خوف ليجدن تحت سرواتي الرهيبات طرقاً تحف بجانبيه الورود، وليجدن أيضاً الإله الصغير الذي تشتاقه الصبايا منطرحا بسكون قرب الينبوع وقد أغمض عينيه
لقد نام في وقت الظهيرة، هذا الإله المتراخي، ولعله سعى طويلا ليصطاد من الفراشات عدداً كبيراً. .
لا يكدركن مني أيتها الراقصات الجميلات تأديبي لهذا الإله الصغير، ولعله يصيح ويبكي ولكنه إله يجلب المسرة حتى في بكائه. فلسوف اقتاده إليكن والدموع سائلة على خديه ليطلب إليكن أن ترقصنه، وإذا ما رقص فسأرافقه أنا بإنشادي فما تجيء نغماتي إلا هزيجاً أصفع به الروح الثقيل، روح الشيطان المتعالي الذي يقول الناس إنه يسود العالم
وهذه هي الأغنية التي رفع زارا صوته بها بينما كان (كوبيدون) إله الحب يرقص مع الصبايا الفاتنات:
(لقد حدقت يوماً في عينيك، أيتها الحياة، فحسبتني هويت إلى غور بعيد القرار، غير أنك