للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذات الثوب الأرجواني]

للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

- ٢ -

(ملاحظة - الكلام ليس شخصياً وكل ما فيه متخيل ولا حقيقة لذات الثوب الأرجواني)

لم يكن العزم أن أكتب هذا الفصل ولكن (الرسالة) - جزاها الله خيراً - أبت إلا أن تستزيدني فوضعت الرقم (١) تحت عنوان الفصل السابق، فصار لابد أن أكتب الثاني - أو اللاحق - وإلا عدني القراء مقصراً أو مغالطاً أو فاتراً، وأنا أقصر في الأغلب عن غاية أو دونها؛ وقد تغريني طبيعة الحياة أو مطالب الدنيا بالمغالطة، ولكنى والله لست بفاتر - والعياذ بالله! - وأنى لحريص في العادة على هدوء المظهر واتزان الأعصاب، ولكن في جوفي ناراً (أحر نار الجحيم أبردها) كما يقول المتنبي رحمه الله - وكان في عوننا - فقد كان يجيد المبالغة. وما أظن بذات الثوب الأرجواني إلا أنها تحس ناري هذه وتجد لفحها وإن كان بيني وبينها بعدان: بعد طريق وبعد منال. وإذا لم يكن هذا هكذا فسلها بالله لماذا تلبسه لي!. . . أليست تلبسه لأنها تعلم أنه حبيب إلي!. . . ومن أدرها وأنا لم أقله بلساني ولم أفض إلى أحد بسر قلبي؟. . . وما أحسب أحداً سيزعم أنها رأت في مشابه من ثيران أسبانيا فهي تخايلني لتهيجني بهذا اللون؟. . . ومما يدل على العمد في لبس هذا الثوب أنها تبدو ضاحكة مشرقة المحيا في كل ما تكتسي خلافه، فإذا ارتدت الأرجواني قطبت وزوت ما بين عينيها وتكلفت التجهم الشديد. وليس في الثوب أو لونه أو تفصيله أو حسن انسجامه على بدنها الرخص ما يدعو إلى الانقباض. وإن في كثرة لبسها له لدليلاً على الرضى عنه، ولو كانت تشعر بشيء من الضيق للبسه لما أكثرت من ارتدائه، ولكنها على عادة جنسها تفعل الشيء تبغي به رضى رجل معين ثم تذهب تغالط وتدعي غير ذلك، ومن هنا هذا العبوس التي لا تحسنه. وإني لأعرف أنها قرأت بعض كتبي فقد رأيت معها (خيوط العنكبوت) - عرفته من غلافه وما عليه من الرسم، ولكنى أظنها لم تقرأ ديواني لأنه قديم جداً ولأنه نفد من زمن طويل، ولو قرأته لو وجدت فيه هذا البيت:

لا يحسن التعبيس أبلجُ واضح ... ضحك الجمال بوجهه وأضاءا

ولكانت خليقة أن تكف بعد ذلك عن عبوس لا تتقنه؛ ولشد ما أتمنى أن أعود إلى النظم

<<  <  ج:
ص:  >  >>