إني لا أثق (دائماً) بكل ما ينطق به النحاة ولا اللغويون ولو كانوا أدلاء أجلاء بل أعرضه على محك النقد والتحقيق، وتدقيق النظر فيه، فإن أظهر المحك صدق إبريزهم، وافقت عليه وقيدته عندي بكل فخر وإجلال، واعتبار وإكبار، وإلا نبذته نبذ النواة، أو نبذ آراء المشعوذين النحاة الهواة. وذلك لأن الإنسان محل النسيان، ولأن الجود قد يكبو، والسيف قد ينبو، وما العصمة والكمال، إلا لرب الجلال
ولهذا تراني لا أثق إلا بما ينقله السلف إلينا من أقوال المحققين الأقدمين، كما قلت مراراً لا تحصى. وأمثلة ما قد أخطأوا القول فيه أكثر من أن يعد، ولا تسعة مجلة موقوتة، لأن ما جمعته يقع في مجلد ضخم (لا تهضمه معدة مجلة) لثقله عليها، ولثقله أيضاً على معدة قرائها الكرام الأجلاء
وأنا أذكر هنا بعض الشيء، بمنزلة ما أذهب إليه من كلامي الذي عنونت به مقالي هذا
٢ - ورود فعلى جمعاً لأكثر من لفظين
أنقل هنا ما جاء في تاج العروس في مادة (ظ ر ب) حرفاً بحرف، قال:(نقل شيخنا عن أبي حيان: ليس لنا جمع على فعلى، بالكسر، غير هذين اللفظين (ظِربى وحِجلى) ويقال: أن أبا الطيب المتنبي لقي أبا علي الفارسي، فقال له: كم لنا من الجموع على فعلى، بالكسر؟ فقال أبو الطيب بديهة: حجلى وظربى، لا ثالث لهما
فما زال أبو علي يبحث: هل يستدرك عليه ثالثة وكان رمداً فلم يمكن له ذلك، حتى قيل أنه مع كثرة المراجعة، ورمد عينيه، آل به الأمر إلى ضعف بصره. ويقال إنه عمى بسبب ذلك، والله أعلم
ثم قال: وهي من الغرائب الدالة على معرفة أبي الطيب وسعة اطلاعه. انتهى كلام الشار ح على الحجلى: اسم للجمع)
قلنا: الجمع لفظة تشمل الجمع بصيغه المختلفة، واسم الجمع وشبه الجمع: والظاهر أن