قتِل ساربيدون ملك ليسيا وقائد فرسانها، وأشجع مقاتل في جيش طروادة بعد هكتور؛ ووقف بتروكلوس على جثته يصليها سخرية وهزوا، ناسياً أنه إنما يهزأ بابن زيوس سيد الآلهة، من آثر زوجاته إليه، أوروبا الجميلة المفتان، التي وقفت من ذروة جبل إيدا تنظر إلى المعركة الحمراء، وتشهد مقتل ابنها. . . وتبكي!!
وتثور ثائرة الأم التاعسة، وتهيب بالإله الأكبر أن يحمي جثة ولدها، بعد إذ عجز عن حمايته حياً، إذ عجز عن دفع ما قضت به ربات القدر.
وينظر زيوس فيري إلى بتروكلوس واطئاً بقدمه صدر ساربيدون، عادةَ الجاهلية، ويسمع إليه يقذفه بأشنع عبارات التهكم والاستهزاء، غير راث لهذه الروح التي تفيض، أو معتبر جلال الموت الذي تخشع أمامه القلوب؛ فيثور الإله، ويحنق على بتروكلوس وجند بتروكلوس، ويأمر من لاتونا. . . أبوللو العظيم. . . فينطلق من فوره إلى معمعان الحرب، ويرسل إلهي النوم والموت فيحميان جثمان القتيل، ويدفعان عنه سباع الميرميدون التي تكاثرت حوله تريد لو تسبي سلاحه، وتستنقذ دروعه.
أما الجثة، فيحملها الإلهان الكريمان إلى ليسيا؛ وثمةَ، يخلطان بها حنوط المخلود، ويلفانها في ثوب سماوي من ثياب الرحمة، ويجمعان حولها عرائس الفنون تبكيها وتنشد لها أوجع ألحانها، وأشجى ما تكن موسيقاها.
ويبدو لبتروكلوس أن طروادة، بعد ساربيدون، لقمة سائغة، وغنيمة باردة، فيهتف بالإغريق مرة، وبالميرميدون مرة أخرى، أن يقاحموا نحو أسوارها، وأن ينتهزوا فرصة تفتح عليهم فيها المدينة الخالدة.
ولا تدري كيف يستيقظ الطرواديون وأحلافهم من سكرة الروع التي غشيتهم فينكشف لهم أن البطل الذي قتل ساربيدون وعشرات غيره من صناديدهم، ليس هو أخيل العظيم، وإن