للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يكن يحمل خوذته، ويقنّع في دروعه، ويذرع الساحة بعربته. . فتهدأ أعصابهم، ويثبت جأشهم، ويأخذون في مناهضة الميرميدون والإغريق جميعاً.

ولكن بتروكلوس يهجم غير هياب، ويجندل من حوله الأبطال المذاويد، ويقود جنده إلى البوابة الكبرى حيث وقف هكتور ينظر إلى المعركة بعينين مشدوهتين، ونفس مذهوب بها، وقلب حيران متصدع. . .

ووقفت الآلهة دون البوابة تحمي طروادة الخالدة. . .

ذلك أن بتروكلوس كان كلما بلغ ثمة. . . وجده وجنده ينسحبون إلى وراء بقوة خافية لا يدرون سرها، ولا يعرفون من أين تأتيهم فتتخطفهم، وتردي جحافلهم. . . وهي على قاب قوسين من داخل المدينة. . . أو أدنى!

وفي الهجمة الثالثة، سمع بتروكلوس إلى صوت إلهي يقول: (بتروكلوس! ليس على يديك تفتح هذه المدينة الخالدة! بل هي لن تفتح على أخيل العظيم الذي هو أقوى منك، ومن عشرة من أمثالك! عد من حيث جئت، واحذر أن تكون آخرتك اليوم، في هذا الميدان المضرج بدماء ضحاياك).

وتلفت بتروكلوس فرأى الهاتف هو إله الشمس، أبوللو، أيوللو بعينه، رب طروادة العظيم، واقفاً فوق برجها الباذخ يقلب قوسه في يديه الجبارتين، مرسلاً في عساكر الميرميدون والجنود الهيلانيين، نظرات تقدح الشرر، وتوري نيران الكيد والجبروت!

واقشعر جسم بتروكلوس، وأيقن أن أبوللو هو الذي رفع جثمان ساربيدون من مكانه من المعمعة، وأنه أيضاً أقبل ليلعب دوره ضد الميرميدون وضد الإغريق، وضد بتروكلوس قبل كل شيء!!

ولكن بتروكلوس محارب، وقلب المحارب العظيم لا يعرف الجبن، ولا يتلجلج لقصف المنايا في المعركة، فكيف به يخفق فرقاً إذا رأى الآلهة نفسها تحارب في صفوف الأعداء!

أقبل يا بتروكلوس وأقدم، ولا يهولنك أبوللو، وألف ألف أبوللو، مادام العمر واحداً، والساعة آتية، ولن يفلت أحد مما قدر له!

وبهت الجمعان المقتتلان حول جثمان ساربيدون حين رأوْا إليه يرتفع في الهواء، ثم يتهادى إلى جهة ليسيا، موطنه الذي يبكي عليه، فعلموا أن السماء تعمل!

<<  <  ج:
ص:  >  >>