للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأحس الليسيُّون هذا الفراغ المفزع الذي خلفه ملكهم المقتول فيهم، فذهب رئيسهم المغوار، جلوكوز، نائب الملك وخير وجوه ليسيا، إلى حيث وقف هكتور ينظر إلى المعمعة قريباً من البوابة الكبرى، فوقف تلقاءه محطم القلب، دامع العين، موهون القوى، وقال: (يقف هنا بطل أبطال طروادة العظيم، ويدع أحلافه البواسل يجودون بأرواحهم من أجل اليوم، ويسيلون نفوسهم على ظبي الرقاق البيض التي يرهفها في وجوههم أعداؤكم! ولأي شيء!؟ لأنكم استجرتم بنا فأجرناكم وأسرعنا إليكم نفتديكم بالمهج الغالية والدماء الزكية! هكتور! لقد قتل ساربيدون، فهل علمت! هل علمت هذه النفوس التي يمضها الأسى، والعيون التي تقرحها الدموع، ويعصف بها الدم!؟ فيم وقوفك هكذا ترمق الساحة وقد رأيت من فتك الميرميدون بنا ما رأيت. هل فكرت في حماية مولانا الملك، أو على الأقل صيانة جثمانه العزيز؟! لقد سبوا دروعه وسلاحه، فأي عار يصمنا في طويل الأحقاب والآباد؟ يا لثأرنا. . . يا لثأرنا. . .؟

ولم ينبس هكتور!

ولكنه شاهد الميرميدون يعيدون الكرة بعد الكرة على الطرواديين، فينالون منهم ويمزقون صفوفهم، وشاهد البطل الإغريقي المشهور إيجيوس، يصول بين الجيشين ويجول، ويجندل الأبطال وببيد لها ميم الرجال، فأحذ هكتور حجراً كبيراً وانتهز فَرّة من إيجيوس، وقذف بالحجر فوق رأسه فشجعه، وبرز المخ، وتدفق الدم، وتردى البطل فوق الحدور حتى استقر في بسيط الساحة!

واستشاط بتروكلوس غضباً! ويود لو كان قريباً من هكتور فيضغط على عنقه ضغطة تذهب به إلى الجحيم! ولكنه لم يستطع إلا أن يثأر للقتيل بمثل ما صنع هكتور؛ فقد تناول جلموداً كبيراً، وقذف به ستينلاس الهائل، أشجع شجعان طروادة الأحياء، فأطاح جمجمته، وهوى الجلمود على مفرش جواده فقتله، بين عجب الطرواديين وشدة تحيرهم!!

ولكن جلوكوز - رئيس الليسيين - يرى إلى ذلك فيتسخط، وينقض على البطل الهيلاني الكبير باثيسيز، فيشكه برمحه شكة تذهب به، وتتركه يتشحط في دمه. وتستمر المعركة. . .

أما أبوللو! فيغيظه من هكتور هذا الجمود الذي استولى عليه، وذلك الموقف الجبان الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>