المسألة في ذاتها هينة، ولكنها مع ذلك بدت لي في غاية من التعقيد، لأن اتصالي بمرجريت كان أثار حول اسمي شبهات أذاعها فريق من أهل الفضول في باريس، وأظن - وبعض الظن إثم وبعضه غير إثم - أن ابنة صاحب البيت الذي كنت أقيم فيه كان لها دخلٌ في إذاعة الشبهات التي آلمتني في باريس.
كان ناس من المصريين يسألون عني من حين إلى حين فكانت تلك البنت تلقاهم بابتسامة خبيثة، ثم تقول: المسيو مبارك رجل لطيف، فهو لا يُلزم الخدم بترتيب غرفته غير مرة أو مرتين في الأسبوع!
ومعنى ذلك إني أبيت ليالي كثيرة في مكان مجهول.
وكان لي مع هذه البنت تاريخ جميل يغريها بأن تُلقي عليّ حقودها حين أغيب.
وكان المصريون في باريس يتعتّبون ويتلومون كلما رأوني، ويحبون أن يعرفوا أين أقضي أوقات الفراغ.
وكانت حجتي حاضرة، ولكنها لم تكن تُقنع إلا من يريد أن يقتنع. كنت أقول إني تركت في مصر خمسة عشر مليوناً وما يهمني أن أراهم مرة ثانية في باريس.
والواقع أني أحسنت كل الإحسان في هذا المسلك، فلم يكن لي أيّ نفع من تزجية أوقات الفراغ مع المصريين المقيمين في باريس، فأكثر كلامنا حين كنا نلتقي لم يكن إلا ثرثرة سخيفة باللغة العربية حول السياسة المصرية، وربما كنت المصري الوحيد الذي عاش في باريس ولم يعرف مكان السفارة المصرية في باريس.
والواقع أيضاً أن صلتي بمرجريت لم يعرفها أحد قبل اليوم غير شخص واحد هو الدكتور أمين بقطر الذي كلفتُه في إحدى السنين أن يمر على مرجريت ليحدثها عن أشياء لا يمكن