كنت صديقاً حميماً للأستاذ عزيز سامر وزوجته سلمى. أما عزيز فترجع علاقتي به إلى عهد الحداثة الأولى. وأما سلمى فإن والدتها كانت وثيقة الصلة بوالدتي وكانت تصطحبها قي زيارتها إلى منزلنا حيث كنت أراها يافعة تبرق عيناها ذكاء وأستلذ محادثتها في فترات قصيرة بين والدتها ووالدتي.
ولعلي كنت السبب في زواجهما لأن عزيزاً قابلها في منزلنا غير ما مرة، ولم يصادف صعوبة حين عقد النية على الزواج منها لا من أهله ولا من أهل الفتاة. وعاشا عيشة رضية بضع سنوات ماتت في خلالها والدة سلمى ووالدتي. وكم مرة كنا نتحدث عنهما وتثير أليمة الذكريات. ولم يرزق عزيز ولداً فما اهتم للأمر كما أن سلمى أيضاً لم تهتم له ولم ينشب بينهما ذلك الخلاف العهيد الذي يبعث به عقم الرجل أو المرأة.
أجل، كنت صديقاً حميماً للأستاذ عزيز سامر وزوجته سلمى حتى أني كنت أتناول طعام الغذاء أو العشاء مرات كل شهر في منزلهما الذي اشتراه عزيز على ضفة المحمودية في عزلة عن الأوساط الصاخبة وفرشه بأفخر أنواع الرياش، ووسع حوله حديقة مغروسة بمختلف الأزهار والرياحين. ولا أزال أذكر مجالسنا فيها للأنس والسمر في أيام الربيع المزهرة، وليالي الصيف المقمرة، كما لا أزال أذكر مجالسنا بعد العشاء في قاعة التدخين على مقاعد الجلد العريضة في ليالي الشتاء الباردة، وأستار الحرير القاتم مدلاة على النوافذ، والطنافس المفروشة تحت أقدامنا تبعث في جو القاعة حرارة طيبة، بينما يتساقط المطر خارجاً بين هزيم الرعود، وولولة الرياح.
والأستاذ عزيز سامر محام معروف كثير الأعمال وافر الربح يعيش في يسر ودعة. وسلمى فتاة طيبة القلب، جميلة الوجه، أنيقة الملبس. تدير منزلها في كثير من النظافة والمرح،