وتستلذ الخروج مع زوجها إلى مشارب الجعة ومساهر السينما ودور التمثيل. وكم صحبتهما إليها وكم احتدم الجدل بيني وبين سلمى على الملابس النسائية وائتلاف ألوانها، واختلاف أشكالها وطولها وقصرها، ومناسبتها وغير مناسبتها. وكانت سلمى تحب مداعبتي وإحراج زوجها وتهمته بفقدان الذوق في هذه الأمور الهامة.
ولا أعدو الحقيقة إذ قررت أن سلمى على جانب من الثقافة يجعلها تتذوق القراءة الأنيقة، وبخاصة هذه الأقاصيص التي اكتظت بها الكتب الحديثة. ولكنها كانت تعجب كل الإعجاب بالكاتب القصصي جي دي موباسان، لأن أقصوصته نيرة مشرقة مترعة بالحياة يتدفق الذوق الفني في سطورها البارزة حتى كأنها رسم بارع الألوان تامُّ التخطيطات تكاد الصورة تنطق بين ثناياه.
وإني لأشعر بكثير من الغبطة كلما ذكرت تلك الساعات الأدبية التي مرت بنا وبخاصة كيف كنت أضحك من الأحكام الجائرة التي كان يحمل بها عزيز سامر على الأدب والأدباء فيقول لزوجته:
- دعي عنك هذه السفاسف!. . إن أدباءك أناس أخفقوا في عواطفهم فقذفوا بها في وجه الناس وهم يظنون أنهم يأتون بالمعجزات.
فتقول له سلمى في كثير من التهكم:
- أنت يا عزيز لا تفهم إلا (حيث إنّ). . . تريد بذلك (حيثيات) الأحكام. . . وتضيف إلى قولها: أن الأدب مرآة الحياة كما يقولون ولكن (حيث إنّ) هذه لا حياة فيها.
فيجيبها عزيز بأن الأدب مرآة مشوِّهة للحياة لا تعكس إلا ما يظهر منها بينما ما خفي أكثر وأدق، وقد يكون أجل وأعظم. . .
فأتدخل بينهما وأقول:
- قد يكون ذلك كذلك وكلاكما على حق. والأدب دنيا والمحاماة دنيا، قد تلتقيان وقد تفترقان. . .
وكنا نفترق عادة ولم يقنع أحد فينا رفيقه.
ولكن هذه العيشة الراضية لم تدم طويلاً، لأن سلمى كانت تمر بها السنون مقفرة الأيام إلا من زوج تعودته وخدم ألفتهم وقليل من الأصدقاء ملّت صحبتهم. وصرت أشعر في