في يوم الخميس ١٣ أغسطس أحتفُل بالذكرى الأولى لوفاة الزعيم الاقتصادي الكبير المغفور له محمد طلعت حرب باشا، المؤسس الأول لبنك مصر وشركاته المساهمة المعروفة. ولقد كان مما يتفق وطبائع الأمور، أن يعرض المحتفلون بهذه الذكرى، والمعزون والجماهير التي عرفت (طلعت)، أو استمعت إلى أحاديثه وخطبه، أو وقفت على آثاره وأعماله وتصرفاته، إلى بنك مصر وشركاته، وما يتصل بها من خطط، وما تعرضت له من أزمات؛ وكان من الطبيعي أيضاً أن يكون للفقد - شأن كل عظيم وعصامي ومبرز - الأصدقاء والحساد والأعداء. . . والخصومة للعظيم - وخاصة لمن بلغ منزلة (طلعت) - لا تغض من مكانته، بل لعلها تزيده منزلة، وتُجلَّى على الأيام فضائله وشمائله. ذلك أن النقد وحده هو الذي يستطيع أن يكشف عن اللؤلؤة الصحيحة من دفائن المعادن
لست أريد أن أتناول هنا ترجمة حياة الفقيد، ولا أن أقوم ببحث في شؤون الشركات الوطنية؛ وإنما حسبي أن أعرض لأشياء تحدث بها أناس منذ أعوام ثلاثة، وكان من وراء هذه الأحاديث ذلك القانون الذي صدر في العام الماضي بدعم بنك مصر وتقوية الروابط بينه وبين الحكومة
كانت هذه الأشياء من المسائل التي بالغ حساد (طلعت) وخصومه في الخفض من مكانته، والغض من شأوه، وفاتهم بادئ ذي بدء، أن (طلعت كان رجلاً، وكان مجرباً، وكان بادئاً، وكان بشراً، وكان يعمل في بيئة لم تُتَعهد من قبل. . . كل هذا قمين أن يدعوا إلى شيء من الخطأ والتراخي والتشاؤم. ولقد كنت أشفق من هذا الأشياء، وكنت أخشى أن تعدو من جرائها العوادي على البلاد والمشروعات الوطنية
غير أنني بعد أن هدأت العاصفة، وقضي (طلعت)، راجعت نفسي، وشئت أن أكون في منزلة القاضي، يفصل بالحق، ويورد في حيثيات حكمه الأسباب التي يتألف منها اعتقاده، والمقدمات التي انتهت إلى رأيه
أراد (طلعت - حين فكر وحين مضى يحقق ما فكر فيه - أن يستعين في مشروعه