لزمت غرفتي طوال النهار التالي ولم أذهب إلى ملحق الفندق إلا بعد ثلاث ليال.
لقيني خصوم الليلة الأولى بل أصدقاؤها بترحاب ملحوظ، جعلني أحس كأنهم ينتظرون قدومي، وغدوت أعاتب إذا تأخرت ليلة عن الحضور.
قيل لي مرة بعد مقدمات وأسئلة عن صاحبي (وقد أطلقوا عليه أسم (ليدرون) تحريفاً لكلمة بالفرنسية معناها (يشع)) بأنه خطب الآنسة (سمسم) من والدتها وهو يجهل طبعاً أنها حفيدة فلان العظيم، وقد ذكروا اسمه ولقبه ورتبه، وأن والدتها ردته بلطف فلم يأبه لردها وأصر على البقاء بقرب (سمسم) وأنه سيعود إلى مصر متى عادت إليها ليفاتح جدها وهو ولي أمرها (بالزواج). وقالت إحدى الآنسات: نحن منقسمون حيال هذه المسألة إلى قسمين: قسم الآنسات يتنبأ بتحقيق هذا الزواج وسيكون زواجاً سعيداً، وقسم الرجال يستبعد وقوعه، فأنت إلى أي جانب يكون انحيازك؟
قلت: ماذا كان ردّ الآنسة (سمسم) على خطبتها؟
قلن: قالت إنها ستقول كلمتها عندما تعرض المسألة على ولي أمرها.
لم أشأ الانحياز إلى جانب المتنبئات المتفائلات لأنهن أقدر من الرجال على استشعار الرجولة ومعرفة ميول المرأة، ولم أمل إلى المتشائمين الذين استبعدوا وقوع هذا الزواج بين شخصين يمثلان الشيء وضده، أي الجمال البادئ والدمامة الصارخة، وقد تحاشيت عمداً إبداء رأي في صاحبي الذي عرفته فقط يوم وصولي إلى جزيرة (رودس) وقد أعانتني على هذا التحاشي رؤية صاحبي مقبلاً مع فتاته (سمسم) وكأن قلبيهما يدفعان خطواتهما باتزان في حين كان فكراهما يسبحان في جو سماء واحدة.
كان من عادتي في تلك الجزيرة أن أستيقظ عند الفجر أستقبل شروق الشمس حين أكون