للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور احمد زكي

وكيل كلية العلوم

بستور المسعور

وصل الفائت

نصب أعداء بستور له فخاً فدعوه إلى أن يجري تجربته عن اللقاح الذي اكتشفه في جمع عام. فأجابهم إلى ذلك، وحقن البهائم على رؤوس الأشهاد بالمكروب الأضعف، وبعد أيام حقنها بالضعيف ثم بعد أيام بالأقل ضعفا. واصطبر إلى اليوم الذي يحقنها فيه بالمكروب الحي القتال.

- ٤ -

وجاء اليوم الكبير الموعود، اليوم الحادي والثلاثين من مايو، فحقنت المواشي جميعها - ما حُصّن منها باللقاح وما لم يحصن - بحقنة قاتلة لاشك فيها من مكروب الجمرة، وقام بحقنها رو، فنزل في الوحل إلى ركبتيه، ومن حوله مصابيح الكحول وقوارير المكروب، فأدهش النظارة بحسن ضربه الإبرة في جلود الحيوانات، وبهدوئه ورزانته وبروده وهو يضربها.

أودع بستور كل سمعته العلمية هذه التجربةَ الدقيقة التي لا تؤتمن، وما فرغ منها حتى أدرك حقيقة الموقف، وأيقن أنه أجاب داعي الرجولة والشجاعة برضائه إجراءها، ولكنه أيقن إلى جانب ذلك أنه أذن للجمهور، وهو المتلوّن المتذبذب، في تقدير علمه والحكم عليه. فلم يطب له نوم تلك الليلة، وقصاها يتلوى ويتقلب على فراشه، وكلما عزه النوم قام عن سريره يطلب الراحة في القيام، ثم هو لا يجده فيعود إلى النوم، وهكذا دواليك، وأوصته زوجته بالصبر ومنّته خيراً فصمت عنها، ودخل معمله وخرج منه مُقطِّب الجبين عابساً، ولا شك عندي أنه هرع إلى الله فصلى ورجا وابتهل، ولو أني لم أقرأ شيئاً من

<<  <  ج:
ص:  >  >>